(فقال رسول الله ﷺ) في جوابها (نعم) أي يجوز دخوله عليك ثم علّل جواز ذلك بقوله (إن الرضاعة تحرم) بتشديد الراء المكسورة مع ضم أوله ولأبي ذر عن الكشميهني يحرم منها بفتح المثناة التحتية وضم الراء مخفّفًا (ما يحرم) بفتح أوله مخفّفًا (من الولادة) أي مثل ما يحرم من الولادة فهو على حذف مضاف وتعبيره بقوله ما يحرم من الولادة وفي الرواية الأخرى من النسب. قال القرطبي: دليل على جواز الرواية بالمعنى أو قال ﵊ اللفظين في وقتين وقطع بالأخير في الفتح معلّلاً بأن الحديثين مختلفان في القصة والسبب والراوي.
وهذا الحديث أخرجه في الخمس أيضًا والنكاح ومسلم والنسائي في النكاح.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة أبو عبد الله العبدي البصري وثقه أحمد، وروى له المؤلّف ثلاثة أحاديث في العلم والبيوع والتفسير توبع عليها قال:(أخبرنا سفيان) الثوري (عن أشعث بن أبي الشعثاء) بالشين المعجمة والمثلثة والعين المهملة فيهما والأخير ممدود (عن أبيه) أبي الشعثاء سليم بن الأسود (عن مسروق) هو ابن الأجدع (أن عائشة ﵂ قالت: دخل عليّ النبي ﷺ وعندي رجل) الواو للحال وأخو عائشة هذا لا أعرف اسمه، وقول الجلال البلقيني فيما نقله عنه في المصابيح أنه وجد بخط مغلطاي على حاشية أسد الغابة ما يدل على أنه عبد الله بن يزيد تعقبه في مقدمة فتح الباري بأنه غلط لأنه تابعي انتهى.
يعني وهذا صحابي لأنه ﷺ رآه بلا ريب عند عائشة، نعم عبد الله التابعي هذا المذكور أخوها من الرضاعة كما صرّح به في رواية مسلم في الجنائز وكثير بن عبد الله الكوفي أخوها أيضًا كما عند المؤلّف في الأدب المفرد وسنن أبي داود وسبق التنبيه على ذلك في باب الغسل بالصاع.
(قال)﵊ ولأبي ذر: فقال (يا عائشة من هذا؟ قلت: أخي من الرضاعة. قال: يا عائشة انظرن) بهمزة وصل وضم الظاء المعجمة من النظر بمعنى التفكّر والتأمّل (من إخوانكن) استفهام (فإنما الرضاعة) الفاء تعليلية لقوله انظرن من إخوانكن أي ليس كل من أرضع لبن أمهاتكنّ يصير أخاكن بل شرطه أن يكون (من المجاعة) بفتح الميم من الجوع أي أن الرضاعة المعتبرة في المحرمية شرعًا ما كان فيه تقوية للبدن واستقلال بسد الجوع، وذلك إنما يكون في حال الطفولية قبل الحولين كما سيأتي إن شاء الله تعالى تقريره في بابه بعون الله وقوّته.