الناسخ على طريقة من لا يكتب الألف في المنصوب، وقال العيني: مرفوع بفعل محذوف أي إن بعدكم يجيء له قوم (يخونون) بالخاء المعجمة من الخيانة (ولا يؤتمنون) لخيانتهم الظاهرة بحيث لا يعتمد عليهم (ويشهدون ولا يستشهدون) أي يتحملون الشهادة من غير تحميل أو يؤدّونها من غير طلب الأداء، وهذا لا يعارضه حديث زيد بن خالد المروي في مسلم مرفوعًا:"ألا أخبرم بخير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها لأن المراد بحديث زيد من عنده شهادة لإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها فيأتي إليه فيخبره بها أو يموت صاحبها العالم بها ويخلف ورثة فيأتي الشاهد إليهم أو إلى من يتحدث عنهم فيعلمهم بذلك أو أن الأول في حقوق الآدمين، وهذا في حقوق الله تعالى التي لا طالب لها أو المراد بها الشهادة على المغيب من أمر الناس يشهد على قوم أنهم من أهل الجنة بغير دليل كما يصنع ذلك أهل الأهواء وهذا حكاه الطحاوي وتبعه جماعة منهم الزركشي، وتعقبه في المصابيح فقال: هذا مشكل لأن الذم ورد في الشهادة بدون استشهاد والشهادة على الغيب مذمومة مطلقًا سواء كانت باستشهاد أو بدونه (ويندرون) بفتح حرف المضارعة وبكسر الذال المعجمة ولأبي ذر وينذرون بضم الذال (ولا يفون) من الوفاء (ويظهر فيهم السمن) بكسر السين المهملة وفتح الميم أي يعظم حرصهم على الدنيا والتمتع بلذاتها وإيثار شهواتها والترفّه في نعيمها حتى تسمن أجسادهم أو المراد تكثرهم بما ليس فيهم وادّعاؤهم الشرف أو المراد جمعهم المال، وعند الترمذي من طريق هلال بن يساف عن عمران بن حصين: ثم يجيء قوم يتسمنون ويحبون السمن.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: يشهدون ولا يستشهدون لأن الشهادة قبل الاستشهاد فيها معنى الجور، وقد أخرجه المؤلّف أيضًا في فضل الصحابة وفي الرقاق والنذور، ومسلم في الفضائل، والنسائي في النذور.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي البصري قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن عبيدة) بفتح العين السلماني (عن عبد الله) ابن مسعود (﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(خير الناس) أهل (قرني) يعني أصحابه (ثم الذين يلونهم) يعني أتباعهم (ثم الذين يلونهم) يعني أتباع التابعين وهذا يقتضي أن الصحابة أفضل من التابعين والتابعون أفضل من أتباع التابعين لكن هل الأفضلية بالنسبة إلى المجموع أو الأفراد محل بحث، وإلى الثاني ذهب الجمهور والأول قول ابن عبد البرّ، وفي كتاب بالمواهب اللدنية بالمنح المحمدية مباحث ذلك، ويأتي إن شاء الله تعالى مزيد