وبه قال:(حدّثنا أبو الربيع سليمان بن داود) الزهراني العتكي بفتح العين المهملة والمثناة الفوقية بصري دخل بغداد (وأفهمني بعضه) بعض معاني الحديث ومقاصد لفظه (أحمد) مجردًا عن النسب ولم يبينه أبو علي الجياني وفي الأطراف لخلف أنه ابن يونس وجزم به الدمياطي، وكذا ثبت في حاشية الفرع كأصله ورقم عليه علامة ق. وقال ابن حجر أنه رآه كذلك في نسخة الحافظ أبي الحسن اليونيني. قلت: وكذا رأيته وقد أهمله في جميع الروايات التي وقعت له إلا هذه. وقال ابن عساكر والمزي: إنه وهم، وفي طبقات القراء للذهبي أنه ابن النضر، وزعم ابن خلفون أنه ابن حنبل، وأحمد بن يونس هذا هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي المعروف بشيخ الإسلام، وهل أحمد المذكور هنا رفيق لأبي الربيع في الرواية عن فليح فيكون المؤلّف حمله عنهما معًا على الصفة المذكورة أو رفيق للمؤلّف في الرواية عن أبي الربيع؟ قال:(حدّثنا فليح بن سليمان) الخزاعي أو الأسلمي أبو يحيى (عن ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير) بن العوّام (وسعيد بن المسيب) بفتح المثناة التحتية المشددة وكسرها (وعلقمة بن وقاص الليثي) العتواري (وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود الأربعة (عن عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ حين قال لها أهل الأفك) بكسر الهمزة أبلغ ما يكون من الافتراء والكذب (ما قالوا فبرأها الله منه).
(قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (وكلهم) أي عروة فمن بعده (حدّثنا طائفة) قطعة (من حديثها) وقد انتقد على الزهري روايته لهذا الحديث ملفقًا عن هؤلاء الأربعة وقالوا: كان ينبغي له أن يفرد حديث كل واحد عن الآخر حكاه عياض فيما ذكره في الفتح (وبعضهم أوعى) أحفظ لأكثر هذا الحديث (من بعض وأثبت له اقتصاصًا) أي سياقًا (وقد وعيت) بفتح العين أي حفظت (عن كل واحد منهم الحديث) أي بعض الحديث (الذي حدّثني) به منه (عن) حديث (عائشة) فأطلق الكل على البعض فلا تنافي بين قوله: وكلهم حدّثني طائفة من الحديث، وبين قوله: وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث كما نبّه عليه الكرماني. والحاصل أن جميع الحديث عن مجموعهم لا أن مجموعة عن كل واحد منهم (وبعض حديثهم يصدق بعضًا زعموا أن عائشة) أي قالوا أنها (قالت):
(كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يخرج سفرًا) أي إلى سفر فهو نصب بنزع الخافض أو ضمن يخرج معنى ينشئ فالنصب على المفعولية (أقرع بين أزواجه) تطييبًا لقلوبهن (فأيتهنّ) بتاء التأنيث.
قال الزركشي فيما نقله عنه في المصابيح: ولم أره في النسخة التي وقفت عليها من التنقيح أنه الوجه، ويروى: فأيهنّ بدون تاء تأنيث، وتعقبه الدماميني فقال: دعواه أن الرواية الثانية ليست على الوجه خطأ إذ المنصوص أنه إذا أريد بأيّ المؤنث جاز إلحاق التاء به موصولاً كان أو استفهامًا أو غيرهما انتهى.