الذي كنت أركب) أي عليه، وفي قوله فرحلوه على بعيري تجوّز لأن الرجل هو الذي يوضع على ظهر البعير ثم يوضع الهودج فوقه (وهم يحسبون أني فيه) في الهودج، (وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يثقلن) بكثرة الأكل (ولم يغشهن اللحم) لم يكثر عليهن (وإنما يأكلن العلقة) بضم العين وسكون اللام وبالقاف أي القليل (من الطعام فلم يستنكر القوم) بالرفع على الفاعلية (حين رفعوه ثقل الهودج فاحتملوه) وثقل بكسر المثلثة وفتح القاف الذي اعتادوه منه الحاصل فيه بسبب ما ركب منه من خشب وحبال وستور وغيرها، ولشدة نحافة عائشة لا يظهر بوجودها فيه زيادة ثقل، وفي تفسير سورة النور من طريق يونس خفّة الهودج وهذه أوضح لأن مرادها إقامة عذرهم في تحميل هودجها وهي ليست فيه فكأنها لخفّة جسمها بحيث إن الذين يحملون هودجها لا فرق عندهم بين وجدها فيه وعدمها، ولهذا أردفت ذلك بقولها:(وكنت جارية حديثة السن) لم تكمل إذ ذاك خمس عشرة سنة (فبعثوا الجمل) أي أثاروه (وساروا فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش) أي ذهب ماضيًا وهو استفعل من مرّ (فجئت منزلهم وليس فيه أحد) وفي التفسير فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجُيب (فأممت) بالتخفيف فقصدت (منزلي الذي كنت فيه فظننت) أي علمت (أنهم سيفقدوني) بكسر القاف وحذف النون تخفيفًا، ولأبوي ذر والوقت: سيفقدونني (فيرجعون إليّ فبينا) بغير ميم (أنا جالسة) وجواب بينا قوله (غلبتني عيناي فنمت) أي من شدة الغم الذي اعتراها، أو أن الله تعالى لطف بها فألقى عليها النوم لتستريح من وحشة الانفراد في البرية بالليل (وكان صفوان بن المعطل) بفتح الطاء المشددة (السلمي) بضم السين وفتح اللام (ثم الذكواني) بالذال المعجمة منسوب إلى ذكوان بن ثعلبة وكان صحابيًّا فاضلاً (من وراء الجيش). وفي حديث ابن عمر عند الطبراني أن صفوان كان سأل النبي ﷺ أن يجعله على الساقة، فكان إذا رحل الناس قام يصلّي ثم اتبعهم فمن سقط له شيء أتاه به، وفي حديث أبي هريرة عند البزار: وكان صفوان يتخلّف عن الناس فيصيب القدح والجراب والإداوة، وفي مرسل مقاتل بن حيان في الإكليل: فيحمله فيقدم به فيعرّفه في أصحابه (فأصبح عند منزلي) كأنه تأخر في مكانه حتى قرب الصبح فركب ليظهر له ما يسقط من الجيش مما يخفيه الليل أو كان تأخره مما جرت به عادته من غلبة النوم عليه (فرأى سواد إنسان) أي شخص إنسان (نائم) لا يدري أرجل أو امرأة (فأتاني) زاد في التفسير فعرفني حين رآني (وكان يراني قبل الحجاب) أي قبل نزوله (فاستيقظت) من نومي (باسترجاعه) أي بقوله: إنّا لله وإنّا إليه راجعون (حين أناخ راحلته) وكأنه شق عليه ما جرى لعائشة فلذا استرجع، ولأبي ذر عن الكشميهني: حتى أناخ راحلته (فوطئ يدها) أي وطئ صفوان يد الراحلة ليسهل الركوب عليها فلا تحتاج إلى مساعد (فركبتها فانطلق) صفوان حال كونه (يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا) حال كونهم (معرسين) بفتح العين المهملة وكسر الراء المشددة بعدها سين مهملة نازلين (في نحر الظهيرة) حين بلغت الشمس منتهاها من الارتفاع وكأنها وصلت إلى النحر وهو أعلى المصدر أو أولها وهو وقت شدة الحر (فهلك من هلك) زاد أبو صالح في شأني، وفي رواية أبي أويس عند الطبراني: فهنالك قال أهل الإفك فيّ وفيه ما قالوا (وكان الذي تولى الإفك) أي تصدّى له وتقلده رأس المنافقين (عبد الله بن أُبي بن سلول)