وسكون النون وقد تفتح وبعد المثناة الفوقية ألف ثم هاء ساكنة في الفرع كأصله وقد تضم أي يا هذه نداء للبعيد فخاطبتها خطاب البعيد لكونها نسبتها للبله وقلة المعرفة بمكائد النساء (ألم تسمعي ما قالوا فأخبرتني بقول الإفك) وللكشميهني أهل الإفك (فازددت مرضًا إلى) أي مع ولأبوي ذر والوقت: على (مرضي) قال في الفتح: وعند سعيد بن منصور من مرسل أبي صالح فقالت: وما تدرين ما قال؟ قالت: لا والله فأخبرتها بما خاض فيه الناس فأخذتها الحمى، وعند الطبراني بإسناد صحيح عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: لما بلغني ما تكلموا به هممت أن آتي قليبًا فأطرح نفسي فيه.
(فلما رجعت إلى بيتي دخل عليّ رسول الله ﷺ فسلم فقال): (كيف تيكم)؟ (فقلت ائذن لي) أن آتي (إلى أبوي قالت وأنا حيينذٍ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهتهما (فأذن لي رسول الله) في ذلك (فأتيت أبوي فقلت لأمي) أم رومان زاد في التفسير يا أمتاه (ما يتحدّث به الناس) بفتح المثناة التحتية من يتحدث، ولأبي ذر: ما يتحدث الناس به بتقديم الناس على الجار والمجرور. (فقالت: يا بنية هوّني على نفسك الشأن فوالله لقلما كانت امرأة قطّ وضيئة) بالرفع صفة لامرأة أو بالنصب على الحال واللام في لقل للتأكيد، وقلَّ: فعل ماضي دخلت عليه ما للتأكيد والوضيئة المعجمة والهمزة والمد على وزن عظيمة من الوضاءة وهي الحسن والجمال، وكانت عائشة ﵂ كذلك. ولمسلم من رواية ابن ماهان حظية من الحظوة أي وجيهة رفيعة المنزلة (عند رجل يحبها ولها ضرائر) جمع ضرّة وزوّجات الرجل ضرائر لأن كل واحدة يحصل لها الضرر من الأخرى بالغيرة (إلاّ أكثرن) أي نساء ذلك الزمان (عليها) القول في عيبها ونقصها فالاستثناء منقطع أو بعض أتباع ضرائرها كحمنة بنت جحش أخت زينب أم المؤمنين فالاستثناء متصل والأول هو الراجح لأن أمهات المؤمنين لم يعبنها.
سلمنا أنه متصل لكن المراد بعض أتباع الضرائر كقوله تعالى: ﴿حتى إذا استيأس الرسل﴾ [يوسف: ١١٠] فأطلق الأياس على الرسل، والمراد بعض أتباعهم وأرادت أمها بذلك أن تهوّن عليها بعض ما سمعت فإن الإنسان يتأسى بغيره فيما يقع له، وطيبت خاطرها بإشارتها بما يشعر بأنها فائقة الجمال والحظوة عنده ﷺ.
(فقلت: سبحان الله!) تعجبًّا من وقوع مثل ذلك في حقها مع براءتها المحققة عندها وقد نطق القرآن الكريم بما تلفظت به فقال تعالى عند ذكر ذلك: ﴿سبحانك هذا بهتان عظيم﴾ [النور: ١٦](ولقد يتحدّث الناس بهذا) بالمضارع المفتوح الأول، ولأبي ذر: تحدّث الناس بالماضي، وفي رواية هشام بن عروة عند البخاري فاستعبرت فبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فقال لأمي: ما شأنها؟ قالت بلغها الذي ذكر من شأنها ففاضت عيناه، فقال: أقسمت عليك يا بنية إلا رجعت إلى بيتك فرجعت.