إلى غاية للغسل أو للترك المقدّر كما قال بكلٍّ منهما جماعة، فعلى الأوّل منهما تدخل الغاية لا لكونها إذا كانت من جنس ما قبلها تدخل كما قيل لعدم اطّراده كما قال التفتازاني وغيره فإنها قد تدخل كما في قرأت القرآن إلى آخره، وقد لا تدخل كما في قرأت القرآن إلى سورة كذا، بل لقرينتي الإجماع والاحتياط للعبادة، قال المتولي: بناء على أنها حقيقة إلى المنكب لو اقتصر على قوله: ﴿وأيديكم﴾ لوجب غسل الجميع، فلما قال: ﴿إلى المرافق﴾ أخرج البعض عن الوجوب فما تحقّقنا خروجه تركناه وما شككنا فيه أوجبناه احتياطًا للعبادة انتهى.
المعنى اغسلوا أيديكم من رؤوس أصابعها إلى المرافق، وعلى الثاني تخرج الغاية، والمعنى اغسلوا أيديكم واتركوا منها إلى المرافق ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالجر، وللأصيلي بالنصب ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] هل فيه تقدير أو الأمر على ظاهره وعمومه، فقال بالأوّل الأكثرون وأنه مطلق أُريد به التقييد، والمعنى إذا أردتم القيام إلى الصلاة محدثين. وقال الآخرون: بل الأمر على عمومه من غير تقدير حذف إلا أنه في حق المحدث واجب وفي حق غيره مندوب، وقيل كان ذلك في أول الأمر ثم نسخ فصار مندوبًا.
واستدلوا له بحديث عبد الله بن حنظلة الأنصاري أن رسول الله ﷺ أمره بالوضوء لكل صلاة طاهرًا كان أو غير طاهر، فلما شق عليه وضع عنه الوضوء إلا من حدث رواه أبو داود وهو ضعيف لقوله ﵊:"المائدة من آخر القرآن نزولاً فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها" وافتتح المؤلف ﵀ الباب بهذه الآية للتبرّك أو لأصالتها في استنباط مسائله وإن كان حق الدليل أن يؤخر عن المدلول لأن الأصل في الدعوى تقديم المدّعى، وعبّر عن إرادة الفعل في قوله: ﴿إذا قمتم﴾ بالفعل المسبب عنها للإيجاز والتنبيه على أن من أراد العبادة ينبغي له أن يبادر إليها بحيث لا ينفك الفعل عن الإرادة.
واختلف في موجب الوضوء فصحح في التحقيق والمجموع، وشرح مسلم الحدث والقيام إلى الصلاة معًا وبعضهم القيام إلى الصلاة، ويدل له حديث ابن عباس عن النبي ﷺ قال:"إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة" رواه أصحاب السُّنن. وقال الشيخ أبو علي: الحدث وجوبًا موسعًا وعليه يتمشى نيّة الفرضية قبل الوقت، ويجوز أن يقال ما يعني بها لزوم الإتيان ولهذا يصح من الصبي، بل المعنى إقامة طهارة الحدث المشروطة للصلاة وشروط الشيء تسمى فروضه، وهل الحدث يحل جميع البدن كالجنابة حتى يمنع من مس المصحف بظهره وبطنه، أو مختص بالأعضاء الأربعة؟ خلاف. والأصح الثاني؟ ووقع في رواية الأصيلي ما جاء في قوله الله دون ما قبله، وفي فرع اليونينية كأصلها ما جاء في الوضوء. وقال الله ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إلى ﴿الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] ولكريمة باب في الوضوء وقول الله الخ. وفي نسخة صدر بها في فرع اليونينية عقب البسملة كتاب الطهارة باب ما جاء في الوضوء، وهو أنسب من السابق لأن الطهارة أعمّ من الوضوء، والكتاب الذي يذكر فيه نوع من الأنواع ينبغي أن يترجم بنوع عام حتى يشمل جميع ذلك،