للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالله ورسوله المقيم للصلاة الصائم لرمضان في الجنة استدرك قوله الأول بقوله الثاني: إن في الجنة مائة درجة إلى آخره، وتعقب بأن التسوية ليست على عمومها وإنما هي في أصل دخول الجنة لا في تفاوت الدرجات كما مرّ.

وقال الطيبي في شرح المشكاة: هذا الجواب من الأسلوب الحكيم أي بشرهم بدخول الجنة بالإيمان والصوم والصلاة ولا تكتف بذلك بل زد على تلك البشارة بشارة أخرى وهي الفوز بدرجات الشهداء فضلاً من الله ولا تقنع بذلك أيضًا بل بشّرهم بالفردوس الذي هو أعلى، وتعقبه في فتح الباري فقال: لو لم يرد الحديث إلا كما وقع هنا (كان) ما قال متجهًا، لكن ورد في الحديث زيادة دلّت على أن قوله إن في الجنة مائة درجة تعليل لتلك البشارة المذكورة فعند الترمذي من رواية معاذ قلت: يا رسول الله ألا أخبر الناس؟ قال: "ذر الناس يعملوا فإن في الجنة مائة درجة" فظهر أن المراد لا تبشر الناس بما ذكرته من دخول الجنة لمن آمن وعمل الأعمال المفروضة عليه فيقفوا عند ذلك ولا يتجاوزوه إلى ما هو أفضل منه من الدرجات التي تحصل في الجهاد، وهذه هي النكتة في قوله: أعدها الله للمجاهدين، وتعقبه العيني بأن قوله: لكن وردت في الحديث زيادة على آخره غير مسلم لأن الزيادة المذكورة في حديث معاذ بن جبل وكلام الطيبي وغيره في حديث أبي هريرة وكل واحد من الحديثين مستقل بذاته، والراوي مختلف فكيف يكون ما في حديث معاذ تعليلاً لما في حديث أبي هريرة على أن حديث معاذ لا يعادل حديث أبي هريرة ولا يدانيه فإن عطاء بن يسار لم يدرك معاذًا اهـ.

وهذا الذي قاله العيني ليس مانعًا مما ذكره الحافظ ابن حجر فالحديث يبيّن بعضه بعضًا وإن تباينت طرقه واختلفت مخارجه ورواته على ما لا يخفى.

(فإن سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة) أي أفضلها (وأعلى الجنة). يعني أرفعها.

وقال ابن حيان: المراد بالأوسط السعة، وبالأعلى الفوقية. قال يحيى بن صالح شيخ البخاري (أراه) بضم الهمزة أي أظنه (قال: وفوقه عرش الرحمن) بفتح القاف قيل وقيده الأصيلي بضمها، ولم يصححه ابن قرقول بل قال: إنه وهم عليه. قال في المصابيح: ووجهه أن فوق من الظروف الملازمة للظرفية فلا تستعمل غير منصوبة أصلاً والضمير المضاف إليه فوق ظاهر التركيب عوده إلى الفردوس، وقال السفاقسي: راجع إلى الجنة كلها. قال في المصابيح: والتذكير حينئذ باعتبار كون الجنة مكانًا وإلاّ فمقتضى الظاهر على ذلك أن يقال وفوقها.

(ومنه) أي من الفردوس (تفجر أنهار الجنة) الأربعة المذكورة في قوله تعالى: ﴿فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن أبي يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى﴾ [محمد : ١٥]. وأصل تفجر تتفجر فحذفت إحدى التائين تخفيفًا وقيل الفردوس مستنزه أهل الجنة، وفي الترمذي هو ربوة الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>