همام فقال: بعث أخًا لأم سليم في سبعين راكب وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل الحديث.
فلعل الأصل بعث أقوامًا معهم أخو أم سليم إلى بني عامر فصارت من بني سليم. (فلما قدموا) بئر معونة (قال لهم خالي): حرام بن ملحان (أتقدمكم)، أي إلى بني سليم (فإن أمنوني) بتشديد الميم (حتى أبلّغهم) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد اللام المكسورة (عن رسول الله ﷺ) أنه يدعوهم إلى الإيمان (وإلاّ) أي وإن لم يؤمنوني (كنتم مني قريبًا، فتقدم) إليهم (فأمنوه فبينما) بالميم هو (يحدّثهم) أي يحدّث بني سليم (عن النبي ﷺ إذ أومؤوا) جواب بينما أي أشاروا وفي رواية أومئ بضم الهمزة وكسر الميم أي أشير (إلى رجل منهم) هو عامر بن الطفيل (فطعنه) برمح (فأنفذه) بالفاء والذال المعجمة في جنبه حتى خرج من الشق الآخر (فقال): أي حرام المطعون (الله أكبر فزت) بالشهادة (ورب الكعبة ثم مالوا على بقية أصحابه) أي أصحاب حرام (فقتلوهم إلا رجلاً أعرج) بالنصب، وهذا الرجل هو كعب بن يزيد الأنصاري وهو من بني أمية كما عند الإسماعيلي، ولأبي ذر: رجل أعرج بالرفع، وقال الكرماني: وفي بعضها يكتب بدون ألف على اللغة الربيعية (صعد الجبل. قال همام): الراوي (فأراه) بضم الهمزة بعد الفاء ولأبي ذر وأراه بالواو أي أظنه (آخر معه) هو عمرو بن أمية الضمري (فأخبر جبريل ﵊ النبي ﷺ أنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم فكنا نقرأ) أي في جملة القرآن (أن بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ثم نسخ) لفظه (بعد) من التلاوة.
وهاهنا تنبيه وهو: هل يجوز بعد نسخ تلاوة الآية أن يمسها المحدّث ويقرأها الجنب؟ قال الآمدي: تردد فيه الأصوليون والأشبه المنع من ذلك، وكلام السهيلي يقتضي خلاف ذلك فإنه قال: إن هذا المذكور ليس عليه رونق الإعجاز، إنه لم ينزل بهذا النظم ولكن بنظم معجز كنظم القرآن، فإن قيل: إنه خبر فلا ينسخ؟ قلنا: لم ينسخ منه الخبر وإنما نسخ منه الحكم فإن حكم القرآن أن يتلى في الصلاة وأن لا يمسه إلا طاهر وأن يكتب بين الدفتين وأن يكون تعلمه فرض كفاية وكل ما نسخ رفعت منه هذه الأحكام وإن بقي محفوظًا فهو منسوخ، فإن تضمن حكمًا جاز أن يبقى ذلك الحكم معمولاً به اهـ.
وزاد ابن جرير من طريق عمر بن يونس عن عكرمة عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس وأنزل الله: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾ [آل عمران: ١٦٩](فدعا عليهم)ﷺ(أربعين صباحًا) في القنوت (على رعل) بكسر الراء وسكون العين المهملة آخره لام مجرور بدل من عليهم بإعادة العامل ورعل هم بطن من بني سليم (وذكوان) بفتح المعجمة وسكون الكاف (وبني لحيان) بكسر اللام وسكون الحاء المهملة (وبني عصية) بضم العين وفتح الصاد المهملتين وتشديد الياء التحتية (الذين عصوا الله ورسوله ﷺ) وسيأتي في أواخر الجهاد إن شاء الله تعالى أنه دعا على أحياء من بني سليم حيث قتلوا القراء. قال في الفتح: وهو أصرح في المقصود.