للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخلوص نيتهم وإنما التفاوت في زياد العمل المقتضي لمزيد الثواب (﴿وفضل الله المجاهدين على القاعدين﴾) كأنه قيل وأعطاهم زيادة على القاعدين (﴿أجرًا عظيمًا﴾) وأراد بقوله (إلى قوله: (﴿غفورًا رحيمًا﴾) [النساء: ٩٥، ٩٦]. تمام الآية أي غفورًا لما عسى أن يفرط منهم رحيمًا بهم، وقال في رواية أبي ذر بعد قوله: ﴿غير أولي الضرر﴾ إلى قوله: ﴿غفورًا رحيمًا﴾.

٢٨٣١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: "لَمَّا نَزَلَتْ ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ زَيْدًا فَجَاءَهُ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا. وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾.

[الحديث ٢٨٣١ - طرفاه في: ٤٥٩٣، ٤٥٩٤، ٤٩٩٠].

وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي (قال: سمعت البراء) بن عازب ( يقول: لما نزلت) أي كادت أن تنزل (﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين﴾ دعا رسول الله زيدًا) هو ابن ثابت الأنصاري (فجاء) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فجاءه (بكتف) بفتح الكاف وكسر المثناة الفوقية عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس (فكتبها) فيه. وفي رواية خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه عند أحمد وأبي داود إني لقاعد إلى جنب النبي إذ أوحي إليه وغشيته السكينة فوضع فخذه على فخذي. قال زيد: فلا والله ما وجدت شيئًا قطّ أثقل منها، فصرح خارجة بأن نزولها كان بحضرة زيد فيحتمل قوله في رواية الباب: دعا زيدًا فكتبها على أنه لما كادت أن تنزل كما مرّ.

(وشكا ابن أم مكتوم) عمرو أو عبد الله بن زائدة العامري وأم مكتوم أمه واسمها عاتكة (ضرارته). بفتح الضاد المعجمة أي ذهاب بصره (فنزلت) ﴿لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أُولي الضرر﴾.

فإن قلت: لِمَ كرر الراوي ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين﴾ وهلا اقتصر على قوله: ﴿غير أولي الضرر﴾؟ أجاب ابن المنير: بأن الاستثناء والنعت لا يجوز فصلهما عن أصل الكلام فلا بدّ أن تعاد الآية الأولى حتى يتصل بها الاستثناء والنعت. وقال السفاقسي: إن كان الوحي نزل بقوله: (غير أولي الضرر) فقط فكأن الراوي رأى إعادة الآية من أولها حتى يتصل الاستثناء بالمستثنى منه، وإن كان الوحي نزل بإعادة الآية بالزيادة بعد أن نزل بدونها فقد حكى الراوي صورة الحال. قال ابن حجر: والأول أظهر لرواية سهل بن سعد فأنزل الله تعالى: ﴿غير أولي الضرر﴾ وقال ابن الدماميني متعقبًا لابن المنير في قوله إن الاستثناء والوصف لا يجوز فصلهما إلخ … ليس هذا فصلاً ولا يضر ذكره مجردًا عما قبله لأن المراد حكاية الزائد على ما نزل أوّلاً فيقتصر عليه لأنه الذي تعلق به الغرض، ولذا قال في الطريق الثانية عن زيد فأنزل الله تعالى ﴿غير أولي الضرر﴾ فماذا يعتذر به عن

<<  <  ج: ص:  >  >>