السُّنَّة أباحته للرجال والنساء في الجهاد كما في حديث الباب وغيره ولو كان يكره لنهى عنه ﵊ الذين قالوا له: إنّا لنركب البحر الحديث. لكن في حديث زهير بن عبد الله مرفوعًا من ركب البحر عند ارتجاجه فقد برئت منه الذمة ومفهومه الجواز عند عدم الارتجاج وهو المشهور، وقد قال مطر الورّاق ما ذكره الله إلا بحق قال تعالى: ﴿هو الذي يسيركم في البر والبحر﴾ فإن غلب الهلاك في ركوبه حرم وإن استويا ففي التحريم وجهان صحح النووي في الروضة التحريم.
وبه قال:(حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل عارم البصري السدوسي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري (عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة ابن منقذ الأنصاري المدني (عن أنس بن مالك ﵁) أنه (قال: حدّثني أم حرام) بنت ملحان خالة أنس (أن النبي ﷺ قال) أي نام في الظهيرة (يومًا في بيتها فاستيقظ وهو يضحك) من الفرح (قالت) ولأبي ذر: قلت بدل قالت (يا رسول الله ما يضحكك؟ قال):
(عجبت من قوم من أمتي) وسقط للمستملي قوله من قوم (يركبون البحر كالملوك على الأسرّة)، في الدنيا لسعة حالهم واستقامة أمرهم أو في الجنة (فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال): (أنت منهم) ولأبي ذر عن الكشميهني: منهم (ثم نام فاستيقظ وهو يضحك. فقال مثل ذلك) القول الأول (مرتين أو ثلاثًا. قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فيقول): مجيبًا لها (أنت من الأولين) الذين يركبون البحر (فتزوج بها عبادة بن الصامت) أي بعد ذلك وظاهر قوله في رواية إسحاق في أوّل الجهاد وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله ﷺ إنها كانت زوجته قبل وهو محمول على أن قوله وكانت تحت عبادة جملة معترضة قصد بها وصفها بذلك غير مقيد بحال كما سبق في باب: غزو المرأة. (فخرج بها إلى الغزو)، زاد في أوّل الجهاد عن إسحاق فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان أي لما غزا قبرس في البحر سنة ثمان وعشرين (فلما رجعت قرّبت دابة لتركبها، فوقعت فاندقت عنقها). أي فماتت.