ضمن الغفران لمن راعى ذلك بمجاهدة نفسه من خطرات الشيطان ونفيها عنها وتفرغ قلبه، ولا ريب أن المتجردين عن شواغل الدنيا الذين غلب ذكر الله على قلوبهم يحصل لهم ذلك. وروي عن سعد ﵁ أنه قال: ما قمت في صلاة فحدّثت نفسي فيها بغيرها. قال الزهري ﵀: رحم الله سعدًا إن كان لمأمونًا على هذا ما ظننت أن يكون هذا إلا في نبي انتهى.
وجواب الشرط قوله:(غفر له) بضم الغين مبنيًّا للمفعول، وفي رواية ابن عساكر غفر الله له (ما تقدم من ذنبه) من الصغائر دون الكبائر كما في مسلم من التصريح به، فالمطلق يحمل على المقيد، وزاد ابن أو شيبة: وما تأخر، ويأتي لفظه في باب المضمضة بعون الله تعالى.
(وعن إبراهيم) بن سعد السابق أوّل الباب وهو معطوف على قوله حدّثني إبراهيم بن سعد (قال: قال صالح بن كيسان) بفتح الكاف وسكون المثناة التحتية (قال: ابن شهاب) الزهري.
(ولكن عروة) بن الزبير بن العوّام (يحدث عن حمران) هذا استدراك من ابن شهاب، يعني أن شيخيه اختلفا في روايتهما له عن حمران عن عثمان ﵁ فحدّثه عطاء على صفة وعروة على صفة، وليس ذلك اختلافًا وإنما هما حديثان متغايران، فأما صفة تحديث عطاء فتقدمت وأما صفة تحديث عروة عنه فأشار إليها بقوله:(فلما توضأ عثمان)﵁ عطف على محذوف تقديره عن حمران أنه رأى عثمان ﵁ دعا بإناء فأفرغ على كفّيه إلى أن قال: فغسل رجليه إلى الكعبين، فلما توضأ (قال: ألا أحدّثكم) وفي رواية الأربعة لأحدّثنكم أي والله لأحدّثنكم (حديثًا لولا آية) ولابن عساكر لولا آية ثابتة في كتاب الله تعالى (ما حدّثتكموه) أي ما كنت حريصًا على تحديثكم به (سمعت النبي ﷺ) حال كونه (يقول: لا يتوضأ) وفي رواية لا يتوضأن بنون التوكيد الثقيلة (رجل يحسن) وفي رواية الأربعة فيحسن (وضوءه) بأن ويأتي به كاملاً بآدابه وسننه، والفاء بمعنى ثم لأن إحسان الوضوء ليس متأخرًا عن الوضوء حتى يعطف عليه بالفاء التعقيبية، بل هي لبيان الرتبة دلالة على أن الإجادة في الوضوء أفضل وأكمل من الاقتصار فيه على الواجب، (ويصلي الصلاة) المفروضة (إلا) رجل (غفر له) بضم الغين وكسر الفاء (ما بينه وبين الصلاة) التي تليها كما في مسلم من رواية هشام بن عروة أي من الصغائر (حتى يصليها) أي يفرغ منها، فحتى غاية يحصل المقدر في الظرف إذ الغفران لا غاية له. وقال في الفتح: حتى يصليها أي يشرع في الصلاة الثانية.