الإسناد قال: نعم، حدّثني هشام بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن) أخيه (عبد الله بن الزبير) أنه (قال: لما وقف الزبير) بن العوّام (يوم) وقعة (الجمل) التي كانت بين عائشة ومن معها وبين علي ومن معه ﵃ على باب البصرة سنة ست وثلاثين بعد مقتل عثمان وأضيفت الوقعة إلى الجمل لكون عائشة كانت عليه حال الوقعة حتى عقر (دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم) عند خصمه (أو مظلوم) عند نفسه لأن كلا الفريقين كان يتأول أنه على الصواب قاله ابن بطال. وقال السفاقسي: إما صحابي يتأول فهو مظلوم وإما غير صحابي قاتل لأجل الدنيا فهو ظالم وقد كان الزبير وطلحة وغيرهما من كبار الصحابة خرجوا مع عائشة لطلب قتلة عثمان وإقامة الحدّ عليهم لا لقتال عليّ لأنه لا خلاف أن عليًّا كان أحق بالإمامة من جميع أهل زمانه وكان قتلة عثمان لجؤوا إلى عليّ فرأى أنه لا يسلمهم للقتل حتى يسكن حال الأمة وتجري الأمور على ما أوجب الله فكان ما قدر الله مما جرى به القلم، ولذا قال الزبير لابنه لما رأى شدّة الأمر وأنهم لا ينفصلون إلا عن تقاتل (وإني لا أراني) بضم الهمزة أي لا أظنني (إلا سأقتل اليوم مظلومًا) لأنه لم ينو قتالاً ولا عزم عليه أو لقوله ﷺ: "بشر قاتل ابن صفية بالنار". (وإن من أكبر همي لديني) بفتح اللام للتأكيد (أفترى) بهمزة الاستفهام وضم الفوقية أي أفتظن وبفتحها أي أتعتقد (يبقي) بضم أوله وكسو ثالثه من الإبقاء (ديننا) بالرفع على الفاعلية (من مالنا شيئًا؟) بالنصب على المفعولية وقال ذلك استكثارًا لما عليه وإشفاقًا من دينه (فقال: يا بني بع مالنا فاقض) ولأبي ذر: واقض (ديني وأوصى بالثلث) من ماله مطلقًا (وثلثه) أي وبثلث الثلث (لبنيه يعني عبد الله بن الزبير) ولأبي ذر: يعني عبد الله بن الزبير خاصة (يقول: ثلث الثلث)، كما ذكرته (فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين شيء فثلثه) بضمات أي ثلث ذلك الفضل الذي أوصيت به من الثلث (لولدك) وسقط قوله شيء لابن عساكر، ومقتضاه أن الفاضل بعد قضاء الدين يصرف ثلثه لبني عبد الله وفيه شيء لأنه إنما أوصى لهم بثلث الثلث، ويحمل الكلام على أن المراد فإن فضل بعد الدين شيء يصرف لجهة الوصية التي أوصيتها فثلثه لولدك. وحكى الدمياطي عن بعضهم أن ثلثه ليس اسمًا وإنما هو فعل أمر بفتح المثلثة وكسر اللام المشددة لتصح إضافته إلى ولده أي ليكون الثلث وصلة إلى إيصال ثلث الثلث إلى أبناء عبد الله قال الدمياطي: فيه نظر.
(قال هشام): هو ابن عروة بالسند السابق (وكان بعض ولد عبد الله) بن الزبير (قد وازى) بالزاي المعجمة أي ساوى (بعض بني الزبير) أي في السن، وقال ابن بطال: أي ساوى بنو عبد الله في أنصبائهم من الوصية بعض بني الزبير في أنصبائهم من ميراث أبيهم الزبير وهذا أولى، وإلاَّ لم يكن لذكر كثرة أولاد الزبير معنى، وتعقبه في الفتح بأنه في تلك الحالة لم يظهر مقدار الموروث ولا الموصى به، وأما قوله: لم يكن له معنى فليس كذلك لأن المراد أنه خص أولاد عبد الله دون غيرهم لكونهم كثروا وتأهلوا حتى ساووا أعمامهم في ذلك فجعل لهم نصيب من المال ليتوفر على أبيهم حصته وفيه الوصية للحفدة إذا كان لهم آباء في الحياة يحجبونهم