(القدور) ليراق ما فيها (فلا تطعموا) بفتح أوله وثالثه أي فلا تذوقوا (من لحوم الحمر شيئًا. قال عبد الله) هو ابن أبي أوفى (فقلنا) أي بعض الصحابة (إنما نهى النبي ﷺ) أي عنها (لأنها لم تخمس) بضم أوّله وفتح ثالثه المشدد أي لم يؤخذ منها الخمس (قال، وقال آخرون): من الصحابة (حرمها)﵇(البتة) أي قطعًا من البت وهو القطع والنصب على المصدرية قال الشيباني: (وسألت سعيد بن جبير فقال: حرمها البتة) وذكر الواقدي أن عدة الحمر التي ذبحوها كانت عشرين أو ثلاثين كذا رواه بالشك.
وسيأتي ما وقع من اختلاف الصحابة في علة النهي عن لحم الحمر إن شاء الله تعالى واستفيد من هذه الأحاديث إباحة أكل الغانمين قبل اختيار التملك وقبل رجوعهم لعمران الإسلام ما يوجد من القوت والأدم والفاكهة ونحوها مما يعتاد أكله للآدمي عمومًا كاللحم والشحم والعلف للدواب شعيرًا وتبنًا لما ذكر، ولحديث أبي داود والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى قال: أصبنا مع رسول الله ﷺ بخيبر طعامًا فكان كل واحد منا يأخذ منه قدر كفايته، والمعنى فيه عزته بدار الحرب غالبًا لإحراز أهله له عنا فجعله الشارع مباحًا ولأنه قد يفسد وقد يتعذر نقله وقد تزيد مؤونة نقله عليه سواء كان معه طعام يكفيه أم لا لعموم الأحاديث ويتزودون منه لقطع المسافة التي بين أيديهم بقدر الحاجة ولو كانوا أغنياء عنه نعم لو أكل فوق حاجته لزم قيمته كما صرح به في الروضة. قال الزركشي: وكذا ينبغي أن يقال به في علف الدواب لا الفانيذ والسكر والأدوية التي تندر الحاجة إليها ولا انتفاع بمركوب وملبوس من الغنيمة فلو خالف لزمته الأجرة كما تلزمه القيمة إذا أتلف بعض الأعيان، فإن احتاج إلى ملبوس لبرد أو حر ألبسه الإمام بالأجرة مدة حاجته ثم يرده إلى المغنم أو حسبه عليه من سهمه وله القتال بالسلاح بلا أجرة للضرورة إليه ويرده إلى المغنم بعد زوالها فإن لم تكن ضرورة لم يجز له استعماله.
والحديث الأخير أخرجه أيضًا في المغازي ومسلم في الذبائح والنسائي في الصيد وابن ماجه في الذبائح.