وبه قال:(حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) بضم العين قال: (حدّثنا أبي) حفص النخعي الكوفي قاضي بغداد أوثق أصحاب الأعمش قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا جامع بن شداد) المحاربي (عن صفوان بن محرز) بضم الميم المازني (أنه حدثه عن عمران بن حصين ﵄) أنه (قال: دخلت على النبي ﷺ وعقلت ناقتي بالباب فأتاه ناس من بني تميم فقال)﵊ لهم:
(اقبلوا البشرى يا بني تميم) أي أقبلوا مني ما يقتضي أن تبشروا بالجنة من التفقه في الدين (قالوا: قد بشرتنا) للتفقه (فأعطنا مرتين) أي من المال (ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن) وهم الأشعريون وسقط قوله أهل لأبي ذر (فقال)﵊ لهم: (اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم) ولأبي ذر: إن لم (يقبلها بنو تميم قالوا): قد (قبلنا) ها (يا رسول الله. قالوا: جئناك) بكاف الخطاب مرقومًا عليها علامة الكشميهني وفي الفتح حذفها له وإثباتها لغيره (نسألك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: لنسألك (عن هذا الأمر) كأنهم سألوه عن أحوال هذا العالم (قال)﵊ مجيبًا لهم: (كان الله) في الأزل منفردًا متوحدًا (ولم يكن شيء غيره) وهذا مذهب الأخفش فإنه جوز دخول الواو في خبر كان وأخواتها نحو كان زيد وأبوه قائم على جعل الجملة خبرًا مع الواو أو ولم يكن شيء غيره حال أي كان الله حال كونه لم يكن شيء غيره، وأما ما وقع في بعض الكتب في هذا الحديث كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان. فقال ابن تيمية: هذه زيادة ليست في شيء من كتب الحديث (وكان عرشه على الماء).
استشكل بأن الجملة الأولى تدل على عدم من سواه والثانية على وجود العرش والماء فالثانية مناقضة للأولى. وأجيب: بأن الواو في وكان بمعنى ثم فليس الثانية من تمام الأولى بل مستقلة بنفسها وكان فيهما بحسب مدخولها ففي الأولى بمعنى الكون الأزلي، وفي الثانية بمعنى الحدوث بعد العدم.
وعند الإمام أحمد عن أبي رزين لقيط بن عامر العقيلي أنه قال: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال:"في عماء ما فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء".
ورواه عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة به ولفظه: أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه وباقيه سواء. وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح ثلاثتهم عن يزيد بن هارون. وقال الترمذي: حسن.
وفي كتاب صفة العرش للحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن بعض السلف أن العرش مخلوق من ياقوتة حمراء بعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة واتساعه خمسون ألف سنة وبعدما بين العرش إلى الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة، وقد ذهب طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهة وربما سموه الفلك التاسع والفلك الأطلس. قال ابن كثير: وهذا ليس بجيد لأنه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة