ولأبي ذر عن الكشميهني فيقال (لها: ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك) أي قوله فإنها تذهب الخ … (قوله تعالى: ﴿والشمس تجري لمستقر لها﴾)[يس: ٣٨] لحد معين ينتهي إليه دورها فشبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره أو لكبد السماء فإن حركتها فيه يوجد فيها ابطاء يظن أن لها هناك وقفة. وقال ابن عباس: لا تبلغ مستقرها حتى ترجع إلى منازلها وقيل إلى انتهاء أمرها عند خراب العالم، وقيل لحدّ لها من مسيرها كل يوم في مرأى عيوننا وهو المغرب، وقيل منتهى أمرها لكل يوم من المشارق والمغارب فإن لها في دورها ثلاثمائة وستين مشرقًا ومغربًا تطلع كل يوم من مطلع وتغرب من مغرب ثم لا تعود إليهما إلى العام القابل (﴿ذلك﴾) الجري على هذا التقدير والحساب الدقيق الذي يكل الفطن عن إحصائه (﴿تقدير العزيز﴾) الغالب بقدرته على كل مقدور (﴿العليم﴾)[يس: ٣٨] المحيط علمه بكل معلوم، وظاهر هذا أنها تجري في كل يوم وليلة بنفسها كقوله تعالى في الآية الأخرى: ﴿وكُل في فلك يسبحون﴾ [يس: ٤٠] أي يدورون وهو مغاير لقول أصحاب الهيئة أن الشمس مرصعة في الفلك إذ مقتضاه أن الذي يسير هو الفلك وهذا منهم على طريق الحدس والتخمين فلا عبرة به.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في التفسير والتوحيد ومسلم في الإيمان وأبو داود في الحروب والترمذي في الفتن والتفسير والنسائي في التفسير.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عبد العزيز بن المختار) قال: (حدّثنا عبد الله) بن فيروز (الداناج) بدال مهملة وبعد الألف نون مخففة فألف فجيم معرب داناه ومعناه بالفارسية العالم وهو تابعي صغير بصري (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ): أنه (قال):
(الشمس والقمر مكوّران) بتشديد الواو المفتوحة مطويان ذاهبا الضوء. وزاد البزار وابن أبي شيبة في مصنفه والإسماعيلي في مستخرجه في النار (يوم القيامة). لأنهما عبدا من دون الله وليس المراد من تكويرهما فيها تعذيبهما بذلك لكنه زيادة تبكيت لمن كان يعبدهما في الدنيا ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلة.