للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأعمش) سليمان بن مهران (عن زيد بن وهب) أبي سليمان الهمداني الكوفي أنه قال، (قال عبد الله) يعني ابن مسعود : (حدّثنا رسول الله وهو الصادق) في قوله: (المصدوق) فيما وعده به ربه تعالى. قال في شرح المشكاة: الأولى أن تجعل الجملة اعتراضية لا حالية لتعم الأحوال كلها وأن يكون من عادته ودأبه ذلك فما أحسن موقعها (قال):

(إن أحدكم يجمع خلقه) بضم الياء وسكون الميم وفتح الميم مبنيًا للمفعول (في بطن أمه أربعين يومًا)، أي يضم بعضه إلى بعض بعد الانتشار ليخمر فيها حتى يتهيأ للخلق، وفي قوله خلقه تعبير بالمصدر عن الجثة وحمل على أنه بمعنى المفعول كقولهم: هذا ضرب الأمير أي مضروبه.

وقال الخطابي: روي عن ابن مسعود في تفسيره أن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرًّا طارت في بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعر، ثم تمكث أربعين ليلة ثم تنزل دمًا في الرحم فذلك جمعها. وهذا رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، وقد رجح الطيبي هذا التفسير فقال: والصحابة أعلم الناس بتفسير ما سمعوه وأحقهم بتأويله وأولاهم بالصدق فيما يتحدثون به وأكثرهم احتياطًا للتوقي عن خلافه فليس لمن بعدهم أن يرد عليهم.

قال في الفتح: وقد وقع في حديث مالك بن الحويرث رفعه ما ظاهره يخالف ذلك ولفظه:

إذا أراد الله خلق عبد جامع الرجل المرأة طار ماؤه في كل عرق وعضو منها فإذا كان يوم السابع جمعه الله ثم أحضره كل عرق له دون آدم في أي صورة ما شاء ركبك.

(ثم يكون علقة) دمًا غليظًا جامدًا (مثل ذلك) الزمان (ثم يكون مضغة) قطعة لحم قدر ما يمضغ (مثل ذلك)، الزمان. واختلف في أوّل ما يتشكل من الجنين فقيل: قلبه لأنه الأساس ومعدن الحركات الغريزية، وقيل: الدماغ لأنه مجمع الحواس ومنه تنبعث، وقيل الكبد لأن فيه النموّ والاغتذاء الذي هو قوام البدن، ورجحه بعضهم بأنه مقتضى النظام الطبيعي لأن النموّ هو المطلوب أوّلاً ولا حاجة له حينئذٍ إلى حس ولا حركة إرادية وإنما يكون له قوّة الحس والإرادة عند تعلق النفس به بتقديم الكبد ثم القلب ثم الدماغ.

(ثم يبعث الله ملكًا) إليه في الطور الرابع حين يتكامل بنيانه وتتشكل أعضاؤه (فيؤمر) مبنيًّا للمفعول ولأبي ذر ويؤمر (بأربع كلمات) يكتبها كما قال (ويقال له: اكتب عمله ورزقه) غذاءه حلالاً أو حرامًا قليلاً أو كثيرًا أو كل ما ساقه الله تعالى إليه لينتفع به كالعلم وغيره (وأجله) طويلاً أو قصيرًا (وشقي أو سعيد) حسب ما اقتضته حكمته وسبقت كلمته، ورفع شقي خبر مبتدأ محذوف وتاليه عطف عليه، وكان حق الكلام أن يقول: يكتب سعادته وشقاوته فعدل عن ذلك حكاية لصورة ما يكتب لأنه يكتب شقي أو سعيد. والظاهر أن الكتابة هي الكتابة المعهودة في صحيفته، وقد جاء ذلك مصرحًا به في رواية لمسلم في حديث حذيفة بن أسيد: ثم تطوى

<<  <  ج: ص:  >  >>