للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الأصمعي: أراها فارسية عربت العود الهندي الذي يتبخر به أو المراد عود مجامرهم الألوة، ويؤيده الرواية الآتية قريبًا إن شاء الله تعالى وقود مجامرهم الألوة لأن المراد الجمر الذي يطرح عليه واستشكل بأن العود إنما يفوح ريحه بوضعه في النار والجنة لا نار فيها. وأجيب: باحتمال أن يكون في الجنة نار لا تسلط لها على الاحراق إلا إحراق ما يتبخر به خاصة ولم يخلق الله فيها قوة يتأذى بها من يمسها أصلاً أو يستعمل العود بغير نار وإنما سميت مجمرة باعتبار ما كان في الأصل أو يفوح بغير استعمال.

(ورشحهم المسك) أي عرقهم كالمسك في طيب ريحه (ولكل واحد منهم زوجتان) من نساء الدنيا والتثنية بالنظر إلى أن أقل ما لكل واحد منهم زوجتان، وقيل بالنظر إلى قوله تعالى: ﴿جنتان﴾ و ﴿عينان﴾ فليتأمل. ويأتي قريبًا إن شاء الله تعالى من طريق عبد الرحمن بن عمرة عن أبي هريرة: لكل امرئ زوجتان من الحور العين.

وعند الفريابي عن أبي أمامة عن رسول الله قال: "ما من عبد يدخل الجنة إلا ويزوّج اثنتين وسبعين زوجة اثنتين من الحور وسبعين من أهل ميراثه من أهل الدنيا ليس منهن امرأة إلا لها قُبُل شهيّ وله ذكر لا ينثني" وفيه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن الدمشقي، وهاه ابن معين وقال: ليس بشيء. وقال النسائي ثقة. وقال الدارقطني: ضعيف. وذكر له ابن عدي هذا الحديث مما أنكر عليه.

وعند أبي نعيم عن أنس قال رسول الله : "للمؤمن في الجنة ثلاث وسبعون زوجة" فقلنا يا رسول الله أوله قوة ذلك؟ قال: "إنه ليعطى قوة مائة". وفيه أحمد بن حفص السعدي له مناكير والحجاج بن أرطأة.

قال ابن القيم: والأحاديث الصحيحة إنما فيها أن لكل منهم زوجتين وليس في الصحيح زيادة على ذلك، فإن كانت هذه الأحاديث محفوظة فإما أن يراد بها ما لكل واحد من السراري زيادة على الزوجتين، وإما أن يراد أنه يعطى قوّة من يجامع هذا العدد ويكون هذا هو المحفوظ فرواه بعض هؤلاء بالمعنى فقال: له كذا وكذا زوجة، ويحتمل أن يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات. قال: ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنتين لما في الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله . "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها ستون ميلاً للعبد المؤمن فيها أهلون يطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضًا" وقوله: زوجتان بتاء التأنيث قد تكررت في الحديث والأشهر تركها وأنكرها الأصمعي فذكر له قول الفرزدق:

وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي … لساع إلى أسد الشرى يستنيلها

فسكت ولم يحر جوابًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>