وبه قال:(حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس) اقتصر أبو ذر على قوله إسماعيل وأسقط ما بعده (قال: حدّثني) بالإفراد (أخي) عبد الحميد بن أبي أويس (عن سليمان بن بلال) التيمي مولاهم المدني (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(يعقد الشيطان) إبليس أو أحد أعوانه (على قافية رأس أحدكم) مؤخره (إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة مكانها) في مكان القافية قائلاً باق (عليك ليل طويل فارقد) قال في المغرب يقال: ضرب الشبكة على الطائر ألقاها عليه وعليك أما خبر لقوله ليل أي ليل طويل عليك أو إغراء أي عليك بالنوم أمامك ليل فالكلام جملتان والثانية مستأنفة كالتعليل للأولى، وقيل: يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ (فإن استيقظ فذكر الله انحلّت عقدة) واحدة من الثلاث (فإن توضأ انحلت عقدة) ثانية (فإن صلّى) فرضًا أو نفلاً (انحلت عقده) الثلاثة (كلها) فلو نام متمكنًا ثم انتبه فصلّى ولم يذكر ولم يتوضأ انحلت الثلاثة لأن الصلاة مستلزمة للوضوء والذكر (فأصبح) لما وفق له من وظائف الطاعة التي تسرع به إلى مقام الزلفى وترقيه إلى السعادة العظمى (نشيطًا) قد خلص من نفث الشيطان في عقد نفسه الأمارة (طيب النفس وإلاَّ) بأن ترك الثلاثة المذكورة (أصبح خبيث النفس كسلان) لبقاء أثر تثبيط الشيطان وظفره به.
وبه قال:(حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو ابن محمد بن أبي شيبة واسم أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن عيسى بن عثمان العبسي الكوفي أخو أبي بكر قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد الرازي (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) يعني ابن مسعود (﵁) أنه (قال: ذكر عند النبي ﷺ رجل نام ليله) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ليلة (حتى أصبح) وقد أخرج سعيد بن منصور هذا الحديث، وفيه أن ابن مسعود قال: وايم الله لقد بال في أذن صاحبكم ليلة يعني نفسه فيحتمل أن يفسر به المبهم هنا (قال)﵊:
(ذاك رجل بال الشيطان) حقيقة أو مجازًا (في أذنيه) بالتثنية (أو قال: في أذنه) بالإفراد، فإن قلت: لِمَ خص الأذن والعين أنسب بالنوم؟ أجاب الطيبي: بأنه إشارة إلى ثقل النوم لأن المسامع موارد الانتباه بالأصوات وخص البول من بين الأخبثين لأنه مع خباثته أسهل مدخلاً في تجاويف الخروق والعروق ونفوذه فيها فيورث الكسل في جميع الأعضاء.