(وقال أبو هريرة)﵁ مما وصله القاضي إسماعيل في الأحكام بإسناد صحيح من طريق مجاهد عنه: (لا وضوء إلا من حَدَث) هو في اللغة الشيء الحادث ثم نقل إلى الأسباب الناقضة للطهارة وإلى المنع المترتب عليها مجازًا من باب قصر العام على الخاص والأول هو المراد هنا، (ويذكر) بضم الياء (عن جابر)﵁ مما وصله ابن إسحاق في المغازي، وأخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم كلهم من طريق ابن إسحاق (أن النبي ﷺ كان في غزوة ذات الرقاع فرمي رجل) وهو عباد بن بشر (بسهم فنزفه الدم) بفتح الزاي والفاء أي خرج منه دم كثير (فركع وسجد ومضى في صلاته) فلم يقطعها لاشتغاله بحلاوتها عن مرارة ألم الجرح وفيه رد على الحنفية حيث قالوا: ينتقض الوضوء إذ سال الدم، لكن يشكل عليه الصلاة مع وجود الدم في بدنه أو ثوبه المستلزم لبطلان الصلاة للنجاسة، وأجيب باحتمال عدم إصابة الدم لهما أو إصابة الثوب فقط ونزعه عنه في الحال ولم يسل على جسده إلا مقدار ما يعفى عنه كذا قرره الحافظ ابن حجر والبرماوي والعيني وغيرهم وهو مبني على عدم العفو عن كثير دم نفسه فيكون كدم الأجنبي فلا يعفى إلا عن قليله فقط، وهو الذي صححه النووي في المجموع والتحقيق، وصحح في المنهاج والروضة أنه كدم البثرة وقضيته العفو عن قليله وكثيره، وقد صح أن عمر ﵁ صلى وجرحه ينزف دمًا.
(وقال الحسن) البصري: (ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم) بكسر الجيم. قال العيني: منتصرًا لمذهبه: أي يصلون في جراحاتهم من غير سيلان الدم والدليل عليه ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن هشيم عن يونس عن الحسن أنه كان لا يرى الوضوء من الدم إلا ما كان سائلاً. هذا الذي روي عن الحسن بإسناد صحيح وهو مذهل الحنفية وحجة لهم على الخصم انتهى، وليس كما قال لأن الأثر الذي رواه البخاري ليس هو الذي ذكره هو، فإن الأول هو روايته عن الصحابة وغيرهم، والثاني مذهب للحسن فافهم.
(وقال طاوس) اسمه ذكوان بن كيسان اليماني الحميري من أحد الأعلام فيما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبيد الله بن موسى بن حنظلة عنه، (و) قال (محمد بن علي) أي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني التابعي أبو جعفر المعروف بالباقر لأنه بقر العلم أي شقّه بحيث علم حقائقه مما وصله أبو بشر سمويه في فوائده من طريق الأعمش ﵃ أجمعين، (و) قال (عطاء) أي ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه، (و) قال (أهل الحجاز) كسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والفقهاء السبعة ومالك والشافعي وغيرهم: وهو من باب عطف العام على الخاص لأن الثلاثة السابقة طاوس ومحمد بن علي وعطاء حجازيون (ليس في الدم وضوء) سواء سأل أو يسل خلافًا لأبي حنيفة حيث أوجبه مع الإسالة مستدلاً بحديث الدارقطني إلا أن يكون دمًا سائلاً وأجيب: