للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا. قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ: اللَّحْمُ. قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ: الْمَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ. قَالَ النَّبِيُّ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ، قَالَ: فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ. قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ - وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ - فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ. قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَىْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ. ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ. ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ. قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ. قَالَ، وَتُعِينُنِي؟ قَالَ: وَأُعِينُكَ. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا -وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا- قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي. حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولَانِ: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ قَالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٢٧] ".

[الحديث ٣٣٦٤ - أطرافه في: ٢٣٦٨، ٣٣٦٢، ٣٣٦٣، ٣٣٦٥].

قال المؤلّف بالسند: (وحدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن أيوب السختياني) بفتح السين وكسر الفوقية (وكثير بن كثير المطلب) بتشديد الطاء وكسر اللام (ابن أبي وداعة) بفتح الواو وتخفيف الدال (يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير) سقط ابن جبير لأبي ذر أنه (قال ابن عباس: أول ما اتخذ النساء المنطق) بكسر الميم وفتح الطاء بينهما نون ساكنة ما تشده المرأة على وسطها عند الشغل لئلا تعثر في ذيلها (من قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة من جهة (أم إسماعيل اتخذت منطقًا) وذلك أن سارة وهبتها للخليل فحملت منه بإسماعيل فلما وضعته غارت فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء فاتخذت هاجر منطقًا فشدت به وسطها وهربت وجرت ذيلها (لتعفي) بضم الفوقية وفتح العين المهملة وتشديد الفاء المكسورة لتخفي (أثرها) وتمحوه (على سارة). وقال الكرماني: معناه أنها تزيت بزي الخدم إشعارًا بأنها خادمتها لتستميل خاطرها وتصلح ما فسد يقال: عفى على ما كان منه إذا أصلح بعد الفساد اهـ وقيل إن الخليل شفع فيها وقال حللي يمينك بأن تثقبي أذنيها وتخفضيها فكانت أول من فعل ذلك، وعند الإسماعيلي من رواية ابن علية أول ما اتخذت العرب جر الذيول عن أم إسماعيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>