وبالسند قال:(حدّثنا) وفي رواية الأربعة حدّثني (محمد بن سلام) بالتخفيف على الصحيح ولكريمة حدّثنا ابن سلام (قال: أخبرنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي أحد الأعلام (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري التابعي (عن موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف الأسدي المدني التابعي (عن كريب مولى ابن عباس) التابعي (عن أسامة بن زيد)﵁:
(أن رسول الله ﷺ لما أفاض) أي رجع أو دفع (من) موقف (عرفة عدل) أي توجه (إلى الشعب) بكسر الشين الطريق في الجبل (فقضى حاجته. قال أسامة) أي ابن زيد كما صرح به في رواية أبي الوقت (فجعلت أصب عليه) الوضوء (و) هو (يتوضأ) مبتدأ وخبر أو نصب على الحال أي: والحال أنه يتوضأ. ويجوز وقوع الفعل المضارع المثبت حالاً (فقلت: يا رسول الله أتصلي؟ فقال) بفاء العطف وفي رواية الأربعة. قال-ﷺ:(المصلى) بفتح اللام أي مكان المصلى (أمامك) بفتح الهمزة والميمين ظرف بمعنى قدامك.
وفي الحديث جواز الاستعانة في الوضوء بالصب، وبه استدل المؤلف للترجمة ولم يذكر جوازًا ولا غيره، ويقاس على الاستعانة بالصب الاستعانة بالغسل والإحضار للماء بجامع الإعانة، فأما الصب فهو خلاف الأولى لأنه ترفه لا يليق بالمتعبد وعورض بأنه إذا فعله الشارع لا يكون خلاف الأولى.
وأجيب: بأنه قد يفعله لبيان الجواز فلا يكون في حقه خلاف الأولى بخلافنا، وقيل مكروه وأما الاستعانة في غسل الأعضاء فمكروهة قطعًا إلا لحاجة، وأما في إحضار الماء فلا كراهة فيها أصلاً. قال ابن حجر: لكن الأفضل خلافه، وقال الجلال المحلي: ولا يقال إنها خلاف الأولى، وأما الحديث المرفوع: أنا لا أستعين في وضوئي بأحد، وأنه قاله ﵊ لعمر وقد بادر لصب الماء عليه، فقال النووي في شرح المهذب: إنه حديث باطل لا أصل له.
وهذا الحديث من سداسياته، ورواته ما بين بيكندي وواسطي ومدني، وفيهم ثلاثة من التابعين والتحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الطهارة والحج ومسلم فيه أيضًا.