(فقام فلطم وجهه وقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر والنبي ﷺ-بين أظهرنا) جمع ظهر ومعناه أنه بينهم على سبيل الاستظهار كأن ظهرًا منهم قدامه وظهرًا وراءه فهو مكنوف من جانبيه إذ قيل بين ظهرانيهم ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم أو لفظ أظهرنا مقحم كما قال الكرماني (فذهب) اليهودي (إليه)ﷺ(فقال: أبا القاسم) أي يا أبا القاسم (إن لي ذمة وعهدًا) مع المسلمين (فما بال فلان) أبي بكر أخفر ذمتي ونقض عهدي إذ (لطم وجهي) فدعاه النبي ﷺ(فقال)﵊ له:
(لِمَ لطمت وجهه)؟ مع ما له من الذمة والعهد (فذكره) أي أمره مع اليهودي (فغضب النبي ﷺ) لذلك (حتى رئي) الغضب (في وجهه) الشريف (ثم قال: لا تفضلوا بين أنبياء الله) من قِبل أنفسكم أو تفضيلاً يؤدي إلى تنقيص أو إلى خصومة ونزاع (فإنه ينفخ في الصور) النفخة الأولى (فيصعق) أي يموت بها (من في السماوات ومن في الأرض) ممن كان حيًّا يكون آخر من يموت ملك الموت (إلا من شاء لله) قيل جبريل وميكائيل وإسرافيل فإنهم يموتون بعد وقيل حملة العرش (ثم ينفخ فيه) نفخة (أخرى) للبعث من القبور (فأكون أول من بعث) من قبره بضم الموحدة وكسر العين المهملة وفتح المثلثة مبنيًا للمفعول (فإذا موسى آخذ بالعرش) أي بقائمة من قوائمه كما في حديث أبي سعيد (فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور) لما سأل الرؤية فلم يصعق (أم بُعث) بضم الموحدة وكسر العين ولأبي ذر عن الكشميهني يبعث بالمضارع المبني للمجهول (قبلي). والظاهر أنه ﵊ لم يكن عنده علم ذلك حتى أعلمه الله تعالى فقد أخبر عن نفسه الكريمة أنه أول من ينشق عنه القبر، (ولا أقول أن أحدًا أفضل من يونس بن متى) قاله تواضعًا. قال ابن مالك: استعمل أحدًا في الإثبات لمعنى العموم لأنه في سياق النفي كأنه قيل لا أحد أفضل من يونس والشيء قد يعطى حكم ما هو في معناه وإن اختلفا في اللفظ فمن قوله تعالى: ﴿أوَلم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن﴾ [الأحقاف: ٣٣].
(بقادر) فأجرى في دخول الباء على الخبر مجرى أوليس الذي لأنه بمعناه ومن إيقاع أحد في الإيجاب المؤول بالنفي قول الفرزدق:
ولو سئلت عني نوار وأهلها … إذن أحد لم تنطق الشفتان
فإن أحدًا وإن وقع مثبتًا لكنه في الحقيقة منفي لأنه مؤخر معنى كأنه قال إذن لم ينطق منهم أحد.
وبه قال:(حدثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن سعد بن إبراهيم) الزهري أنه (قال: سمعت حميد بن عبد الرَّحمن عن أبي هريرة)﵁(عن النبي ﷺ) أنه (قال):