وبالسند قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا) وفي رواية الأصيلي حدّثنا (مالك) إمام الأئمة (عن عمرو بن يحيى) بن عمارة بضم العين وتخفيف الميم (المازني عن أبيه) يحيى بن عمارة بن أبي حسن.
(أن رجلاً) هو عمرو بن أبي حسن كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الحديث الآتي من طريق وهيب (قال لعبد الله بن زيد) الأنصاري (وهو) أي الرجل المفسر بعمرو بن أبي حسن (جد عمرو بن يحيى) المازني المذكور مجازًا لا حقيقة لأنه عمّ أبيه، وإنما أطلق عليه الجدودة لكونه في منزلته:(أتستطيع أن تريني) أي هل تستطيع الإراءة إياي (كيف كان رسول الله ﷺ يتوضأ) كأنه أراد أن يريه بالفعل ليكون أبلغ في التعليم (فقال عبد الله بن زيد) أي الأنصاري (نعم) أستطيع أن أريك (فدعا بماء) عقب قوله ذلك (فأفرغ) أي صبّ من الماء (على يديه) بالتثنية، وفي رواية الأربعة على يده بالإفراد على إرادة الجنس (فغسل مرتين) وفي رواية الأربعة فغسل يديه مرتين كذا في رواية مالك وعند غيره من الحفاظ ثلاثًا فهي مقدمة على رواية الحافظ الواحد لا يقال أنهما واقعتان لاتحاد مخرجهما، والأصل عدم التعدد، لأن في رواية مسلم من طريق حبّان بن واسع عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبي ﷺ توضأ وفيه وغسل يده اليمنى ثلاثًا ثم الأخرى ثلاثًا، فيحمل على أنه وضوء آخر لكون مخرج الحديثين غير متحد، (ثم مضمض واستنثر ثلاثًا) أي بثلاث غرفات كما في رواية وهيب، وللكشميهني واستنشق ثلاثًا. والرواية الأولى تستلزم الثانية من غير عكس قاله ابن حجر، وعورض بأن ابن الأعرابي وابن قتيبة جعلاهما واحدًا وقد مرّ في المضمضة والاستنشاق. (ثم غسل وجهه ثلاثًا ثم غسل يديه مرتين مرتين) بالتكرار (إلى) أي مع (المرفقين) بالتثنية مع فتح الميم وكسر الفاء، وفي رواية الأصيلي بكسر الميم وفتح الفاء، وفي رواية المستملي والحموي إلى الرفق بالإفراد على إرادة الجنس وهو مفصل الذراع والعضد وسمي به لأنه يرتفق به في الاتكاء ويدخل في غسل اليدين خلافًا لزفر لأن إلى في قوله تعالى: ﴿إلى المرفقين﴾ بمعنى مع كالحديث كقوله تعالى: ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ [هود: ٥٢] أو متعلقة بمحذوف تقديره مضافة إلى المرافق. قال البيضاوي: ولو كان كذلك لم يبق معنى للتحديد ولا لذكره مزيد فائدة لأن مطلق اليد يشتمل عليها. وقيل:(إلى) تفيد الغاية مطلقًا وأما بدخولها في الحكم أو خروجها منه فلا دلالة لها عليه وإنما يعلم من خارج، ولم يكن في الآية وكأن الأيدي متناولة لها فحكم بدخولها احتياطًا. وقيل:(إلى) من حيث أنها تفيد الغاية تقتضي خروجها وإلا لم تكن غاية كقوله: ﴿فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ﴾ وقوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] لكن لما لم تتميز الغاية هاهنا من ذي الغاية وجب دخولها احتياطًا اهـ.
ووقف زفر مع المتيقن. وقال إسحاق بن راهويه: يحتمل أن تكون بمعنى الغاية وبمعنى مع فبينت السُنّة أنها بمعنى مع. وقال الإمام الشافعي في الأُم: لا أعلم مخالفًا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء، قال ابن حجر: فعلى هذا فزفر محجوج بالإجماع.