(قال ابن عباس): فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق أبي طلحة أي (مثلاً) أو شبهًا لأنه لم يهم بمعصية قط ولأنه كان سيدًا وحصورًا وعنه أيضًا عنده من طريق عكرمة قال لم يسم باسم يحيى قبله غيره، وأخرجه الحاكم في المستدرك فيه فضيلة ليحيى إذ تولى الله تعالى تسميته باسم لم يسبق إليه ولم يكل ذلك إلى أبويه (يقالا ﴿رضيا﴾) في قوله تعالى ﴿واجعله رب رضيا﴾ [مريم: ٦] أي (مرضيّا) أي ترضاه أنت وعبادك. (﴿عتيًا﴾)[مريم: ٨] في قوله تعالى: ﴿وقد بلغت من الكبر عتيًا﴾ عصيا) بفتح العين وكسر الصاد المهملتين قالوا، والصواب بالسين. وروى الطبراني بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: ما أدري أكان رسول الله ﷺ يقرأ عتيًا أو عسيًا. يقال عتا الشيخ يعتو عتيًا، وعسا يعسو عسيًا إذا انتهى سنه وكبر وشيخ عات وعاس إذا صار إلى حالة اليبس والجفاف (عتا) كذا ولأبي ذر وأبي الوقت وهو ساقط لغيرهما (يعتو). مثل غزا يغزو فهو واوي.
(﴿قال رب أنّى﴾) من أين (﴿يكون﴾) أو كيف يكون ﴿لي غلام وكانت امرأتي عاقرًا﴾ لا تلد ﴿وقد بلغت من الكبر عتيًا﴾ (إلى قوله ﴿ثلاث ليال سويًّا﴾)[مريم: ١٠] أي متتابعات (ويقال صحيحًا) ما بك من خرس ولا بكم، وهذا أصح لأنه لم يقدر أن يتكلم مع الناس إلا بذكر الله وإنما ذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران للدلالة على أنه استمر عليه المنع ثلاثة أيام ولياليهن وسقط قوله: ﴿وكانت امرأتي) إلى آخر (عتيًّا) لغير أبي ذر (﴿فخرج﴾) زكريا (﴿على قومه من المحراب﴾) من المصلّى (﴿فأوحى إليهم أن سبحوا﴾) صلوا ونزهوا ربكم (﴿بكرة وعشيًّا﴾)[مريم: ١١] طرفي النهار. وقوله:(﴿فأوحى﴾) أي (فأشار﴾) ببعض الجوارح بعين أو حاجب أو يد، وقيل كانت بالمسبحة لقوله إلا رمزًا وقيل كتب لهم على الأرض (﴿يا يحيى﴾) فيه حذف تقديره ووهبنا له يحيى وقلنا له يا يحيى (﴿خذ الكتاب﴾) هو التوراة (﴿بقوّة﴾) بجدّ (إلى قوله ﴿ويوم يبعث حيًّا﴾) قال الطيبي: وسلام معطوف من حيث المعنى على قوله ﴿وآتيناه الحكم صبيًا﴾ وجعلناه برًّا بوالديه، وسلمناه في تلك المواطن الموحشة فعدل إلى الجملة الاسمية لإرادة الثبات والدوام وهي كالخاتمة وهي كالخاتمة للكلام السابق.
(﴿حفيا﴾) في قوله تعالى عن إبراهيم ﴿إنه كان بي حفيًّا﴾ [مريم: ٤٧] أي (لطيفًا) وقال في الأنوار أي بليغًا في البر والإلطاف (﴿عاقرًا﴾ الذكر والأنثى سواء). فيقال للرجل الذي لا يولد له عاقر كالمرأة التي لا تلد.