للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه وأنّ دينه متصل بدينه ليس بينهما نبيّ وأن عيسى كان مبشرًا به ممهدًا لقواعد دينه داعي الخلق إلى تصديقه. (والأنبياء) عليهم الصلاة والسلام (أولاد علاّت) بفتح العين وتشديد اللام. والعَلّة: الضرّة؛ مأخوذة من العلل وهي الشربة الثانية بعد الأولى، وكأن الزوج قد عَلَّ منها بعدما كان ناهلاً من الأخرى. وأولاد العلاّت: أولاد الضرّات من رجل واحد. يريد أن الأنبياء أصل دينهم واحد وفروعهم مختلفة، فهم متفقون في الاعتقاديات المسماة بأصول الدين كالتوحيد وسائر علم الكلام، مختلفون في الفروع وهي الفقهيات. وإن عيسى (ليس بيني وبينه نبيّ) وهو كالشاهد لقوله: "أنا أولى الناس بابن مريم". لا يقال إنه ورد أن الرسل الثلاثة الذين أرسلوا إلى أصحاب القرية المذكورة قصتهم في سورة يس كانوا من أتباع عيسى وأن جرجيس وخالد بن سنان كانا نبيين وكانا بعد عيسى؛ لأن هذا الحديث الصحيح يضعف ذلك.

وهذا الحديث من إفراد.

٣٤٤٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَالأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ». وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ .

وبه قال: (حدّثنا محمد بن سنان) الباهلي البصري قال: (حدّثنا فليح بن سليمان) بضم الفاء مصغرًا، أو فليح لقب واسمه عبد الملك، قال: (حدّثنا هلال بن علي) واسم جده أسامة العامري المدني (عن عبد الرَّحمن بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم الأنصاري المدني. ولد في عهده . قال ابن أبي حاتم: ليس له صحبة. (عن أبي هريرة) أنه (قال: قال رسول الله ):

(أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة) لكونه مبشّرًا بي قبل بعثتي وممهدًا لقواعد ملتي في آخر الزمان تابعًا لشريعتي ناصرًا لديني، فكأننا واحد. (والأنبياء إخوة لعلاّت) استئناف فيه دليل على الحكم السابق، وكأن سائلاً سأل عما هو المقتضي لكونه أولى الناس به فأجاب بذلك. (أمهاتهم شتّى ودينهم) في التوحيد (واحد). ومعنى الحديث أن حاصل أمر النبوّة والغاية القصوى من البعثة التي بعثوا جميعًا لأجلها دعوة الخلق إلى معرفة الحق وإرشادهم إلى ما به ينتظم معاشهم ويحسن معادهم، فهم متفقون في هذا الأصل وإن اختلفوا في تفاريع الشرع التي هي كالموصلة المؤدية والأوعية الحافظة له؛ فعبّر عما هو الأصل المشترك بين الكلّ بالأب ونسبهم إليهم، وعبّر عما يختلفون فيه من الأحكام والشرائع المتفاوتة بالصورة المتقاربة في الغرض بالأمهات، وهو معنى قوله: "أمهاتهم شتّى ودينهم واحد". أو أن المراد أن الأنبياء وإن تباينت أعصارهم وتباعدت أيامهم فالأصل الذي هو السبب في

<<  <  ج: ص:  >  >>