الماء يثور) بالمثلثة، ولأبي ذر عن الكشميهني يفور بالفاء (بين أصابعه) بغير من (كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا) قال سالم: (قلت) لجابر (كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا كنا خمس عشرة مائة).
قال في شرح المشكاة: عدل عن الظاهر لاحتمال التجوّز في الكثرة والقلة، وهذا يدل على أنه اجتهد فيه وغلب ظنه على هذا المقدار، وقول البراء في الحديث الذي يتلو هذا الحديث كنا أربع عشرة مائة كان عن تحقيق لأن أهل الحديبية كانوا ألفًا وأربعمائة تحقيقًا.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي وكذا مسلم والنسائي في الطهارة والتفسير.
وبه قال:(حدّثنا مالك بن إسماعيل) بن زياد بن درهم النهدي الكوفي قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس (عن) جده (أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن البراء) بن عازب ﵁ أنه (قال: كنا يوم الحديبية) بتخفيف الياء ولأبي ذر: بالحديبية (أريع عشرة مائة) رجح البيهقي هذه الرواية على رواية خمس عشرة مائة، بل قال ابن المسيب فيما حكي عنه أنها وهم، وهي رواية مالك والأكثرين فيما نقله غير واحد، لكن ما وقع في رواية زهير أنهم كانوا ألفًا وأربعمائة أو أكثر يدل على عدم التحديد، وقد جمع بأنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة فمن قال ألفًا وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألفًا وأربعمائة ألغاه، وأما رواية عبد الله بن أبي أوفى كانوا ألفًا وثلاثمائة فتحمل على ما اطلع هو عليه واطلع غيره على زيادة لم يطلع هو عليها والزيادة من الثقة مقبولة.
وقال في العمدة: يحمل قول من يزيد على أربع عشرة مائة أو ينقص منها مائة على عدة من انضم من المهاجرين والأنصار من العرب، فمنهم من جعل المنضافين لهم مائة، ومنهم من جعل المهاجرين والأنصار ثلاث عشرة مائة ولم يعد من انضاف إليهم لكونهم أتباعًا. وأما قول ابن إسحاق كانوا سبعمائة فقاله تفقهًا من قِبل نفسه من حيث إنهم نحروا البدنة على عشرة وكانوا نحروا سبعين وليس فيه دليل على أنهم لم ينحروا غير البدن، وأيضًا كان فيهم من لم يحرم أصلاً.
(والحديبية بئر) على مرحلة من مكة مما يلي المدينة، وقيل سميت بشجرة حدباء كانت هناك (فنزحناها) أي استقينا ماءها (حتى لم ترك فيها قطرة) من ماء (فجلس النبي ﷺ على شفير البئر) بالشين المعجمة المفتوحة والفاء المكسورة أي على شفتها (فدعا بماء فمضمض) أي جعله في فيه