للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٦٢١ - فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَىَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَىَّ فِي الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا، فَطَارَا. فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي، فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ».

[الحديث ٣٦٢١ - أطرافه في: ٤٣٧٤، ٤٣٧٥، ٤٣٧٩، ٧٠٣٤، ٧٠٣٧].

قال ابن عباس بالسند السابق (فأخبرني أبو هريرة) عن تفسير المنام المذكور (أن رسول الله قال):

(بينما) بالميم (أنا نائم رأيت في يدي) بالتثنيه (سوار من ذهب) صفة لهما، ويجوز أن تكون من الداخلة على التمييز وفي التوضيح كما نقله العيني أن السوار لا يكون إلا من ذهب فذكر الذهب للتأكيد فإن كان من فضة فهو قلب كذا قال، وتبعه في المصابيح وعبارته: ومن ذهب صفة كاشفة لأن السوار لا يكون إلا من ذهب إلى آخره.

وقال في الفتح: من لبيان الجنس كقوله تعالى: ﴿وحلوا أساور من فضة﴾ [الإنسان: ٢١] ووهم من قال: الأساور لا تكون إلا من ذهب إلى آخره.

(فأهمني) فأحزنني (شأنهما) لكون الذهب من حلية النساء ومما حرّم على الرجال (فأوحي إليّ في المنام) على لسان الملك أو وحي إلهام (أن أنفخهما) بهمزة وصل وكسر النون للتكيد وبالجزم على الأمر. وقال الطيبي: ويجوز أن تكون مفسرة لأن أوحي متضمن معنى القول، وأن تكون ناصبة والجار محذوف (فنفختهما فطارا) في ذلك إشارة إلى حقارة أمرهما لأن شأن الذي ينفخ فيذهب بالنفخ أن يكون في غاية الحقارة قاله بعضهم، ورده ابن العربي بأن أمرهما كان في غاية الشدة لم ينزل بالمسلمين قبله مثله. قال في الفتح: وهو كذلك لكن الإشارة إنما هي للحقارة المعنوية لا الحسية وفي طيرانهما إشارة إلى اضمحلال أمرهما (فأولتهما) أي السوارين (كذابين) لأن الكذب وضع الشيء في غير موضعه، ووضع سواري الذهب المنهي عن لبسه في يديه من وضع الشيء في غير موضعه إذ هما من حلية النساء، وأيضًا فالذهب مشتق من الذهاب فعلم أنه شيء يذهب عنه وتأكد ذلك بالأمر له بنفخهما فطارا، فدلّ ذلك على أنه لا يثبت لهما أمر، وأيضًا يتجه في تأويل نفخهما بأنه قتلهما بريحه لأنه لم يغزهما بنفسه، فأما العنسي فقتله فيروز الصحابي بصنعاء في حياته في مرض موته على الصحيح، وأما مسيلمة فقتله وحشي قاتل حمزة في خلافة الصديق .

(يخرجان بعدي) استشكل بأنهما كانا في زمنه . وأجيب: بأن المراد بخروجهما بعده ظهور شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما النبوة. نقله الإمام النووي عن العلماء. قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر لأن ذلك كله ظهر للأسود بصنعاء في حياته فادعى النبوة وعظمت شوكته وحارب المسلمين وفتك فيهم وغلب على البلدان وآل أمره إلى أن قتل في حياته عليه الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>