بصر النبي ﷺ صحابيًّا وإن لم يكن هو قد وقع بصره على النبي ﷺ ولا قائل به انتهى.
وأما ابن أم مكتوم وغيره ممن كان من الصحابة أعمى فيدخل في قوله: ومن صحب وكذا في قولهم أو رآه النبي ﷺ على ما لا يخفى، وقول الحافظ الزين العراقي في شرح ألفيته أن في دخول الأعمى الذي جاء إليه ﷺ ولم يصحبه ولم يجالسه في قول البخاري في صحيحه من صحب النبي ﷺ ورآه نظر ظاهره أن في نسخته التي وقف عليها ورآه بواو العطف من غير ألف فيكون التعريف مركبًا من الصحبة والرؤية معًا فلا يدخل الأعمى كما قال.
لكن في جميع ما وقفت عليه من الأصول المعتمدة أو التي للتقسيم وهو الظاهر لا سيما وقد صرح غير واحد بأن البخاري تبع في هذا التعريف شيخه ابن المديني والمنقول عنه أو بالألف، وأما الصغير الذي لا يميز كعبد الله بن الحرث بن نوفل، وعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري ممن حنكه ﷺ أو دعا له، ومحمد بن أبي بكر الصديق المولود قبل وفاته ﷺ بثلاثة أشهر وأيام فهو وإن لم تصح نسبة الرؤية إليه صحابي من حيث إن النبي ﷺ رآه كما مشى عليه غير واحد ممن صنف في الصحابة.
وأحاديث هؤلاء من قبيل مراسيل كبار التابعين ثم إن التقييد بالإسلام يخرج من رآه في حال الكفر فليس بصاحب على المشهور ولو أسلم كرسول قيصر وإن أخرج له الإمام أحمد في مسنده، وقد زاد الحافظ ابن حجر كشيخه الزين العراقي في التعريف ومات على الإسلام ليخرج من أرتدّ بعد أن رآه مؤمنًا ومات على الردّة كابن خطل فلا يسمى صحابيًّا بخلاف من مات بعد ردّته مسلمًا في حياته ﷺ أو بعده سواء لقيه ثانيًا أم لا.
وتعقب بأنه يسمى قبل الردّة صحابيًّا ويكفي ذلك في صحة التعريف إذ لا يشترط فيه الاحتراز عن المنافي العارض ولذا لم يحترزوا في تعريف المؤمن عن الردة العارضة لبعض أفراده، فمن زاد في التعريف أراد تعريف من يسمى صحابيًّا بعد انقراض الصحابة لا مطلقًا وإلا لزمه أن لا يسمى الشخص صحابيًّا في حال حياته ولا يقول بهذا أحد كذا قرره الجلال المحلي، لكن انتزع بعضهم من قول الأشعري أن من مات مرتدًّا تبين أنه لم يزل كافرًا لأن الاعتبار بالخاتمة صحة إخراجه فإنه يصح أن يقال: لم يره مؤمنًا لكن في هذا الانتزاع نظر لأنه حين رؤيته كان مؤمنًا في الظاهر، وعليه مدار الحكم الشرعي فيسمى صحابيًّا قاله شيخنا في فتح المغيث.