ولابس الخصومة وقسيم أما صاحبكم محذوف تقديره نحو قوله: وأما غيره فلا أعلمه (فسلم)﵁ على النبي ﷺ(وقال: يا رسول الله انه كان بيني وبين ابن الخطاب) عمر ﵁(شيء) في التفسير محاورة بالحاء المهملة أي مراجعة، وعند أبي يعلى من حديث أبي أمامة معاتبة (فأسرعت إليه ثم ندمت) على ذلك (فسألته أن يغفر لي) ما وقع مني (فأبى عليّ). وعند أبي نعيم في الحلية من طريق محمد بن المبارك فتبعته إلى البقيع حتى خرج من داره (فأقبلت إليك فقال) النبي ﷺ: (يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثًا) أي أعاد هذه الكلمات يغفر الله لك ثلاث مرات.
(ثم إن عمر)﵁(ندم) على ذلك (فأتى منزل أبي بكر) ليزيل ما وقع بينه وبين الصديق (فسأل) أهله (أثمّ أبو بكر) بفتح الهمزة والمثلثة أي هنا أبو بكر (فقالوا): مجيبين له (لا، فأتى إلى النبي ﷺ فسلّم عليه فجعل وجه النبي ﷺ يتمعر) بالعين المهملة المشددة أي تذهب نضارته من الغضب، ولأبي ذر: يتمغر بالغين المعجمة (حتى أشفق) أي خاف (أبو بكر) أن ينال عمر من رسول الله ﷺ ما يكرهه (فجثا) بالجيم والمثلثة أي برك أبو بكر (على ركبتيه) بالتثنية (فقال: يا رسول الله والله أنا كنت أظلم) منه في ذلك (مرتين). قال الكرماني: ظرف لقال أو لكنت وإنما قال ذلك لأنه الذي بدأ.
(فقال النبي ﷺ: إن الله بعثني إليكم، فقلتم كذبت وقال أبو بكر: صدق) بغير تاء في الفرع كأصله وفي نسخة صدقت (وواساني) ولأبي ذر عن الكشميهني واساني، وفي نسخة آساني بهمزة بدل الواو والأول أوجه لأنه من المواساة (بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي) بإضافة تاركو إلى صاحبي، وفصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور عناية بتقديم لفظ الإضافة، وفي ذلك جمع بين إضافتين إلى نفسه تعظيمًا للصديق، ونظيره قراءة ابن عامر: ﴿وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم﴾ [الأنعام: ١٣٧]. بنصب أولادهم وخفض شركائهم وفصل بين المضافين بالمفعول.
ومباحث ذلك ذكرتها في كتاب القراءات الأربع عشرة، وفي التفسير هل أنتم تاركون؟ بالنون. قال أبو البقاء: وهي الوجه لأن الكلمة ليست مضافة لأن حرف الجر منع الإضافة وربما يجوز حذف النون في موضع الإضافة ولا إضافة هنا. قال والأشبه أن حذفها من غلط الرواة انتهى.
ولا ينبغي نسبة الرواة إلى الخطأ مع ما ذكر وورود أمثلة لذلك (مرتين) أي قال: هل أنتم تاركو لي صاحبي مرتين. (فما أوذي) أبو بكر (بعدها) أي بعد هذه القصة لما أظهره النبي ﷺ من تعظيمه.