غريب كنا نقول: ورسول الله ﷺ حي أبو بكر وعمر وعثمان، وفي آخر عند الطبراني وغيره ما هو أصرح كنا نقول ورسول الله ﷺ حي أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان فيسمع ذلك رسول الله ﷺ فلا ينكره، ووجه الخطابي ذلك بأنه أراد به الشيوخ وذوي الأسنان منهم الذين كان ﷺ إذا حز به أمر شاورهم فيه، وكان علي ﵁ إذ ذاك حديث السن ولم يرد ابن عمر الازدراء بعلي ولا تأخره ورفعه عن الفضيلة بعد عثمان ففضله مشهور لا ينكره ابن عمر ولا غيره من الصحابة وإنما اختلفوا في تقديم عثمان عليه اهـ.
قال في الفتح: وما اعتذر به من جهة السن بعيد لا أثر له في التفضيل المذكور، والظاهر أن ابن عمر أراد بذلك أنهم كانوا يجتهدون في التفضيل فيظهر لهم فضل الثلاثة ظهورًا بينًا فيجزمون بذلك ولم يكونوا اطلعوا على التنصيص. وقال الكرماني: يحتمل أن يكون ابن عمر أراد أن ذلك وقع لهم في بعض أزمنته ﷺ فلا يمنع ذلك أن يظهر لهم بعد ذلك، وإلى القول بتفضيل عثمان ذهب الشافعي وأحمد كما رواه البيهقي عنهما وحكاه الشافعي عن إجماع الصحابة والتابعين وهو المشهور عن مالك وكافة أئمة الحديث والفقه وكثير من المتكلمين، وإليه ذهب أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني ولكنهما اختلفا في التفضيل أهو قطعي أم ظني، فالذي مال إليه الأشعري الأول، والذي مال إليه الباقلاني واختاره إمام الحرمين في الإرشاد الثاني، وعبارته لم يقم عندنا دليل قاطع على تفضيل بعض الأئمة على بعض إذ العقل لا يدل على ذلك والأخبار الواردة في فضائلهم متعارضة ولا يمكن تلقي التفضيل ممن منع إمامة المفضول ولكن الغالب على الظن أن أبا بكر ﵁ أفضل الخلائق بعد الرسول ﷺ ثم عمر أفضلهم بعده وتتعارض الظنون في عثمان وعلي.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في السنة.
(تابعه) أي تابع شاذان (عبد الله بن صالح) الجهني كاتب الليث وثبت ابن صالح لأبي ذر (عن عبد العزيز) بن أبي سلمة الماجشون بإسناده المذكور.