دينار) العدوي مولاهم أبو عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر ﵄) أنه (قال: بعث النبي ﷺ بعثًا) إلى أطراف الروم حيث قتل زيد بن حارثة والد أسامة المذكور وهو البعث الذي أمر بتجهيزه عند موته ﵊ وأنفذه أبو بكر ﵁ بعده (وأمّر عليهم أسامة بن زيد) بتشديد الميم من أمر (فطعن بعض الناس في إمارته) بكسر الهمزة وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، وسعد، وسعيد، وقتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم فتكلم قوم في ذلك وكان أشدهم في ذلك كلامًا عياش بن أبي ربيعة المخزومي فقال: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين فكثرت المقالة في ذلك فسمع عمر بن الخطاب ﵁ بعض ذلك فردّه على من تكلم، وجاء إلى النبي ﷺ فأخبره بذلك فغضب ﷺ غضبًا شديدًا فخطب (فقال النبي ﷺ):
(إن) بكسر الهمزة في الفرع وبفتحها في اليونينية (تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه) زيد (من قبل) في غزوة مؤتة وعين تطعنوا في الموضعين بضمها في الفرع. وقال الكرماني: يقال طعن بالرمح واليد يطعن بالضم، وطعن في العرض والنسب يطعن بالفتح، وقيل ما لغتان فيهما. وقال الطيبي: هذا الجزاء إنما يترتب على الشرط بتأويل التنبيه والتوبيخ أي طعنكم الآن فيه سبب لأن أخبركم أن ذلك من عادة الجاهلية وهجيراهم ومن ذلك طعنكم في أبيه من قبل. نحو قوله تعالى: ﴿إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل﴾ [يوسف: ٧٧].
وقال التوربشتي: إنما طعن من طعن في إمارتهما لأنهما كانا من الموالي وكانت العرب لا ترى تأمير الموالي وتستنكف عن اتباعهم كل الاستنكاف، فلما جاء الله ﷿ بالإسلام ورفع قدر من لم يكن له عندهم قدر بالسابقة والهجرة والعلم والتقى عرف حقهم المحفوظون من أهل الدين، فأما المرتهنون بالعادة والممتحنون بحب الرئاسة من الأعراب ورؤساء القبائل فلم يزل يختلج في صدورهم شيء من ذلك لا سيما أهل النفاق فإنهم كانوا يسارعون إلى الطعن وشدة النكير عليه، وكان ﷺ قد بعث زيدًا أميرًا على عدة سرايا وأعظمها جيش مؤتة وسار تحت رايته فيها نجباء الصحابة وكان خليقًا بذلك لسوابقه وفضله وقربه من رسول الله ﷺ، ثم أمّر أسامة في مرضه على جيش فيهم جماعة من مشيخة الصحابة وفضلائهم وكأنه رأى فى ذلك سوى ما توسم فيه من النجابة أن يمهد الأرض وتوطئه لمن يلي الأمر بعده لئلا ينزع أحد يدًا من طاعة وليعلم كل منهم أن العادات الجاهلية قد عميت مسالكها وخفيت معالمها.
(وايم الله إن كان) زيد (لخليقًا) بالخاء المعجمة المفتوحة والقاف أي والله إن الشأن، وفي أصل ابن مالك: وايم الله لقد كان خليقًا (للإمارة) أي حقيقًا بها (وإن كان لمن أحب الناس إليّ) سقطت لام لمن من أصل ابن مالك، وقال: استعمل أن المخففة المتروكة العمل عاريًا بعدها من اللام الفارقة لعدم الحاجة إليها، وذلك لأنه إذا خففت أن صار لفظها كلفظ إن النافية فيخاف التباس الإثبات بالنفي عند ترك العمل فالتزموا اللام المؤكدة مميزة لها، ولا يثبت ذلك إلا في