(لكل أمة أمين) أي ثقة رضا ولأبي ذر أن لكل أمة أمينا (وإن أميننا أيتها الأمة) قال القاضي عياض هو بالرفع على النداء والأفصح أن يكون منصوبًا على الاختصاص أي أمتنا مخصوصين من بين سائر الأمم (أبو عبيدة بن الجراح) فالمراد الاختصاص وإن كانت صورته صورة النداء وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بين أبي عبيدة وغيره من الصحابة إذ كل أمين بلا ريب لكن السياق مشعر بأن له مزيدًا في ذلك، فإذا خص ﷺ أحدًا من أجلاء الصحابة بفضيلة وصفه بها أشعر بقدر زائد في ذلك على غيره كوصفه عثمان - رضي الله تعالى عنه - بالحياء.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفضائل والنسائي في المناقب.
وبه قال:(حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن صلة) بكسر الصاد وتخفيف اللام ابن زفر بضم الزاي وفتح الفاء العبسي بالموحدة الساكنة الكوفي التابعي الكبير (عن حذيفة) بن اليمان (﵁) أنه (قال: قال النبي ﷺ لأهل نجران) بفتح النون وسكون الجيم بلد باليمن وهم العاقب والسيد ومن معهما لما وفدوا عليه ﵊ سنة تسع.
(لأبعثن يعني عليكم أمينًا حق أمين) فيه توكيد والإضافة فيه نحو قوله إن زيدًا لعالم حق عالم وجد عالم أي عالم حقًا وجدًّا يعني عالمًا يبالغ في العلم جدًّا ولا يترك من الجد المستطاع منه شيئًا، وسقط لأبي ذر قوله يعني عليكم أمينًا، ولمسلم: لأبعثن إليكم رجلاً أمينًا حق أمين (فأشرف أصحابه) ولمسلم والإسماعيلي فاستشرف لها أصحاب رسول الله ﷺ والضمير في لها للإمارة أي تطلعوا لها ورغبوا فيها حرصًا على نيل الصفة المذكورة وهي الأمانة لا على الولاية من حيث هي (فبعث)﵊(أبا عبيدة) بن الجراح (﵁) أي معهم.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي، ومسلم في الفضائل، والترمذي والنسائي في المناقب، وابن ماجه في السنة. وسقط التبويب هنا لأبي ذر، ولم يذكر المؤلّف ترجمة لمناقب عبد الرحمن ولا لسعيد بن زيد اللذين هما من العشرة. نعم ذكر إسلام سعيد بن زيد في ترجمته في أوائل السيرة النبوية ولعله كما قال في الفتح: من تصرف الناقلين لكون المؤلّف لم يبيضه ومن ثم لم تقع المراعاة في الترتيب لا بالأفضلية ولا بالأسنية ولا بالسابقية.