سفيان) الثوري (قال: حدّثني) بالإفراد (عمرو بن عامر) الأنصاري (عن أنس) وللأصيلي أنس بن مالك ﵁(قال):
(كان النبي ﷺ يتوضأ عند كل صلاة) مفروضة من الأوقات الخمسة ولفظة كان تدل على المداومة فيكون ذلك له عادة لكن حديث سويد المذكور في الباب يدل على أن المراد الغالب، وفعله ﷺ ذلك كان على جهة الاستحباب وإلاّ لما كان وسعه ولا لغيره أن يخالفه، ولأن الأصل عدم الوجوب، وقال الطحاوي: يحتمل أنه كان واجبًا عليه خاصة، ثم نسخ يوم الفتح لحديث بريدة أي المروي في صحيح مسلم أنه ﵊ صلى يوم الفتح الصلوات الخمس بوضوء واحد، وأن عمر ﵁ سأله فقال عمدًا فعلته، وتعقب بأنه على تقدير القول بالنسخ كان قبل الفتح بدليل حديث سويد بن النعمان فإنه كان في خيبر وهي قبل الفتح بزمان اهـ.
(قلت: كيف كنتم تصنعون) القائل قلت عمرو بن عامر والخطاب للصحابة ﵃: (قال) أنس ﵁: (يجزئ) بضم أوّله من أجزأ أي يكفي (أحدنا الوضوء) بالرفع فاعل وأحدنا منصوب مفعول يجزئ (ما لم يحدث). وعند ابن ماجة: وكنا نحن نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد، ومذهب الجمهور أن الوضوء لا يجب إلاّ من حدث، وذهب طائفة إلى وجوبه لكل صلاة مطلقًا من غير حدث وهو مقتضى الآية، لأن الأمر فيها معلق بالقيام إلى الصلاة وهو يدل على تكرار الوضوء وإن لم يحدث، لكن أجاب جار الله في كشافه بأنه يحتمل أن يكون الخطاب للمحدثين أو أن الأمر للندب، ومنع أن يحمل عليهما معًا على قاعدتهم في عدم حمل المشترك على معنييه، لكن مذهبنا أنه يحمل عليهما، وخصّ بعض الظاهرية والشيعة وجوبه لكل صلاة بالمقيمين دون المسافرين. وذهب إبراهيم النخعي إلى أنه يصلي بوضوء واحد أكثر من خمس صلوات.
وهذا الحديث من السداسيات، ورواته ما بين فريابي، وكوفي وبصري، وللمؤلف فيه سندان.
ففي الأوّل التحديث بالجمع والعنعنة، وفي الثاني بصيغة الجمع والإفراد والعنعنة وفائدة إتيانه بالسندين مع أن الأوّل عالٍ لأن بين المؤلف وبين سفيان فيه رجل والثاني نازل لأن بينهما فيه اثنان أن سفيان مدلس وعنعنة المدلس لا يحتج بها إلا أن يثبت سماعه بطريق آخر، ففي السند الثاني أن سفيان قال: حدّثني عمرو وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة.