وبه قال:(حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم الأنماطي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج أبو بسطام العتكي أمير المؤمنين في الحديث (قال: أخبرني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثني بالإفراد أيضًا (عدي بن ثابت) الأنصاري ثقة لكنه قاضي الشيعة وإمام مسجدهم بالكوفة (قال: سمعت البراء) بن عازب (﵁ قال: سمعت النبي ﷺ أو قال قال النبي ﷺ):
(الأنصار) الأوس والخزرج (لا يحبهم) كلهم (إلا مؤمن) كامل الإيمان (ولا يبغضهم) كلهم من جهة نصرتهم للرسول ﵊(إلا منافق) وفي مستخرج أبي نعيم من حديث البراء: "من أحب الأنصار فبحبي أحبهم ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم" وهو يؤيد ما مرّ من تقدير من جهة نصرتهم الخ. والتقييد بكلهم مخرج لمن أبغض بعضهم لمعنى يسوغ البغض له (فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله) وإنما خصوا بذلك لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من إيوائه ﷺ ومواساته بأنفسهم وأموالهم، فكان صنيعهم لذلك موجبًا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين إذ ذاك من عرب وعجم والعداوة تجر البغض، ثم إن ما اختصوا به موجب للحسد والحسد يجر إلى البغض أيضًا، فمن ثم حذر ﷺ من بغضهم ورغب في حبهم حتى جعله من الإيمان والنفاق تنويهًا بفضلهم، وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة لتحقق الاشتراك في الإكرام لما لهم من حسن الغناء في الدين، وإن من بعضهم لبعض بغض بسبب الحروب الواقعة بينهم فذاك من غير هذه الجهة لما طرأ من المخالفة، ومن ثم لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق وإنما حالهم في ذلك حال المجتهدين في الأحكام للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي والنسائي في المناقب، وابن ماجه في السُّنّة.
وبه قال:(حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الرحمن) كذا في الفرع وأصله لكنه ضبب عليه وقال: في الهامش عن عبد الله بدل عبد الرحمن وهو الصواب (ابن عبد الله بن جبر) بفتح الجيم وسكون الموحدة وقيل جابر بن عتيك الأنصاري (عن أنس بن مالك ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(آية الإيمان) أي علامته (حب الأنصار وآية النفاق بُغض الأنصار) وقد وقع في إعراب الحديث لأبي البقاء العكبري أنه الإيمان بهمزة مكسورة ونون مشدّدة وهاء، والإيمان مرفوع وأعربه فقال: إن للتأكيد والهاء ضمير الشأن والإيمان مبتدأ وما بعده خبر، ويكون التقدير إن الشأن الإيمان حب الأنصار وهذا تصحيف وفيه نظر من جهة المعنى لأنه يقتضي حصر الإيمان