للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعجمة وبعد الألف راء، وهي من أعظم مدن ما وراء النهر بينها وبين سمرقند ثمانية أيام، وتوفي أبوه إسماعيل وهو صغير فنشأ يتيمًا في حجر والدته، وكان أبو عبد الله البخاري نحيفًا ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان فيما ذكره غنجار في تاريخ بخارى واللالكائي في شرح السُّنَّة في باب كرامات الأولياء: قد ذهبت عيناه في صغره فرأت أمه إبراهيم الخليل في المنام فقال لها: قد رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك له فأصبح وقد رد الله عليه بصره، وأما بدء أمره فقد رُبيَّ في حجر العلم حتى ربا، وارتضع ثدي الفضل فكان فطامه على هذا اللبا.

وقال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم وراق البخاري: قلت للبخاري كيف كان بدء أمرك؟ قال: ألهمت الحديث في المكتب ولي عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من المكتب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخليّ وغيره، فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام، قلت هو الزبير بن عدي عن إبراهيم. فأخذ القلم مني وأصلح كتابه. وقال صدقت فقال بعض أصحاب البخاري له ابن كم كنت: قال ابن إحدى عشرة سنة فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء يعني أصحاب الرأي، ثم خرجت مع أخي أحمد وأمي إلى مكة فلما حججت رجع أخي إلى بخارى فمات بها، -وكان أخوه أسنّ منه وأقام هو بمكة لطلب الحديث- قال ولا طعنت في ثماني عشرة سنة صنفت كتاب قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، قال: وصنفت التاريخ الكبير إذ ذاك عند قبر النبي في الليالي المقمرة، وقلّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب.

وقال أبو بكر بن أبي عتاب الأعين: كتبنا عن محمد بن إسماعيل وهو أمرد على باب محمد بن يوسف الفريابي وما في وجهه شعرة. وكان موت الفريابي سنة اثنتي عشرة ومائتين فيكون للبخاري إذ ذاك نحو من ثمانية عشر عامًا أو دونها.

وأما رحلته لطلب الحديث فقال الحافظ ابن حجر أوّل رحلته بمكة سنة عشر ومائتين، قال ولو رحل أوّل ما طلب لأدرك ما أدركه أقرانه من طبقة عالية ما أدركها وإن كان أدرك ما قاربها كيزيد بن هارون وأبي داود الطيالسي، وقد أدرك عبد الرزاق وأراد أن يرحل إليه وكان يمكنه ذلك فقيل له إنه مات فتأخر عن التوجّه إلى اليمن، ثم تبيّن أن عبد الرزاق كان حيًّا فصار يروي عنه بواسطة، ثم ارتحل بعد أن رجع من مكة إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها. وقال الذهبي وغيره وكان أوّل سماعه سنة خمس ومائتين ورحل سنة عشر ومائتين بعد أن سمع الكثير ببلده من سادة وقته محمد بن سلام البيكندي وعبد الله بن محمد المسندي ومحمد بن عرعرة وهارون بن الأشعث وطائفة، وسمع ببلخ من مكّي بن إبراهيم ويحيى بن بشر الزاهد وقتيبة

<<  <  ج: ص:  >  >>