وبه قال:(حدّثنا أحمد بن يعقوب) أبو يعقوب المسعودي الكوفي قال: (حدّثنا ابن الغسيل) هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: (سمعت عكرمة) مولى ابن عباس (يقول: سمعت ابن عباس ﵄ يقول: خرج رسول الله ﷺ وعليه ملحفة) بكسر الميم وسكون اللام وفتح الحاء المهملة حال كونه (منعطفًا) بنون ساكنة مصلحة على كشط في الفرع وفي أصله وهو الذي في الناصرية وغيرها متعطفًا بالفوقية المفتوحة وتشديد الطاء أي مرتديًا (بها على منكبيه) بفتح الميم وكسر الكاف وفتح الموحدة (عليه عصابة) بكسر العين قد عصب بها رأسه من وجعها (دسماء) بالرفع صفة لعصابة أي سوداء (حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال) بعد الثناء:
(أما بعد أيها الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار) قال التوربشتي: يريد أن أهل الإسلام يكثرون وتقل الأنصار لأن الأنصار هم الذين آووه ﷺ ونصروه، وهذا أمر قد انقضى زمانه لا يلحقهم اللاحق ولا يدرك شأوهم السابق، وكلما مضى منهم واحد مضى من غير بدل فيكثر غيرهم ويقلون (حتى يكونوا كالملح) بكسر الميم (في الطعام) من القلة. ووجه التشبيه أن الملح بالنسبة إلى جملة الطعام جزء يسير منه بالنسبة للمهاجرين وأولادهم الذين انتشروا في البلاد وملكوا الأقاليم فمن ثم قال ﵊ للمهاجرين:(فمن ولي منكم) أيها المهاجرون (أمرًا) مفعول به (يضر فيه) أي في ذلك الأمر (أحدًا أو ينفعه) صفة كاشفة لأمرًا (فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم) مخصوص بغير الحدود كما سبق.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد، ولغير أبي ذر: حدّثنا (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة بندار قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: سمعت قتادة) بن دعامة يحدث (عن أنس بن مالك)﵁(عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(الأنصار كرشي) بفتح الكاف وكسر الراء أي جماعتي (وعيبتي) أي موضع سري مأخوذ من عيبة الثياب وهي ما تحفظ فيها (والناس) غير الأنصار (سيكثرون) بفتح التحتية وضم المثلثة (و) الأنصار (يقلون) وقد وقع كما قال ﷺ لأن الموجودين الآن ممن ينسب لعليّ بن أبي طالب ﵁ ممن يتحقق نسبه إليه أضعاف من يوجد من قبيلتي الأوس والخزرج ممن يتحقق نسبه، وقس على ذلك ولا التفات إلى كثرة من يدعي أنه منهم من غير برهان قاله في الفتح.
(فاقبلوا) بفتح الموحدة (من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم).
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفضائل والترمذي في المناقب والنسائي.