يوم ما عينه وضربه عليه من كسبه (وكان أبو بكر يأكل من خراجه) إذ سأله عنه وعرف حله (فجاء يومًا بشيء) من كسبه (فأكل منه أبو بكر)﵁ ولم يسأله (فقال له الغلام: تدري) ولأبي ذر عن الكشميهني أتدري (ما هذا؟) الذي جئتك به وأكلت منه (فقال أبو بكر)﵁: (وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية) لم يسم (و) الحال أني (ما أحسن الكهانة) بكسر الكاف وهي الإخبار بالغيب من غير طريق شرعي وكان كثيرًا في الجاهلية لا سيما قبل البعثة، وكان منهم من يزعم أن له رئيًا من الجن يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدعي أنه يستدرك ذلك بفهم أعطيه (إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك) أي بمقابلة الذي تكهنت له (فهذا) ولأبي ذر عن الكشميهني فهو (الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر)﵁(يده) في فيه (فقاء) استفرغ (كل شيء في بطنه) للنهي عن حلوان الكاهن ولأن ما يحصل بطريق الخديعة حرام.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني الفقيه الثبت (قال: أخبرني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر ﵄) أنه (قال: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور) بفتح الجيم البعير ذكرًا كان أو أنثى (إلى حبل الحبلة) بفتح الحاء المهملة والموحدة فيهما (قال) ابن عمر (وحبل الحبلة) هو (أن تنتج الناقة) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية بينهما نون ساكنة آخره جيم مبنيًّا للمفعول أي تضع (ما في بطنها ثم تحمل) الناقة (التي نتجت) بضم النون وكسر الفوقي (فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك) لجهل الأجل.
ومباحثه سبقت في باب بيع الغرر وحبل الحبلة من البيع.
وبه قال:(حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا مهدي) بفتح الميم وسكون الهاء وكسر المهملة وتشديد التحتية ابن ميمون الأزدي البصري (قال: حدّثنا غيلان بن جرير) بفتح المعجمة وسكون التحتية وجرير بفتح الجيم البصري (كنا نأتي أنس بن مالك)﵁(فيحدّثنا عن الأنصار وكان) ولأبي ذر فكان بالفاء بدل الواو (يقول لي: فعل قومك) في الجاهلية (كذا وكذا يوم كذا وكذا وفعل قومك كذا وكذا يوم كذا وكذا) وليس غيلان من الأنصار وإنما قال له أنس: فعل قومك نظرًا إلى النسبة الأعمية وهي الأزد.