قبل أن تضبطوا ما أقول لكم (من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر) بكسر الحاء وسكون الجيم وهو المحوّط الذي تحت الميزاب وأكثر الروايات كما نبه عليه في شفاء الغرام أن فيه من البيت نحو سبعة أذرع كما في الصحيحين (ولا تقولوا الحطيم) أي لا تسموه بالحطيم (فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف) عنده (فيلقي) فيه (سوطه أو نعله أو قوسه) بعد أن يحلف علامة لعقد حلفه فسموه بالحطيم لذلك لكونه يحطم أمتعتهم فعيل بمعنى فاعل، وقيل ما ذكره في شفاء الغرام لأنهم كانوا يطرحون فيه ما طافوا به من الثياب فيبقى حتى ينحطم من طول الزمان، وقيل لأنهم كانوا يحطمون بالإيمان فقلّ من حلف هناك آثمًا إلا عجلت له العقوبة، وقيل الحطيم ما بين الحجر الأسود والمقام وزمزم والحجر، لكن قال في الفتح: إن حديث ابن عباس المذكور حجة في ردّ هذا وشبهه.
وبه قال:(حدّثنا نعيم بن حماد) بتشديد الميم ابن معاوية بن الحرث الخزاعي أبو عبد الله الرفاء بالفاء المروزي نزيل مصر صدوق يخطئ كثيرًا فقيه عارف بالفرائض وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه وقال باقي حديثه مستقيم ووثقه أحمد قال: (حدّثنا هشيم) بضم الهاء وفتح الشين المعجمة مصغرًا ابن بشير بفتح الموحدة بوزن عظيم ابن معاوية بن خازم بمعجمتين الواسطي (عن حصين) بمهملتين مصغرًا ابن عبد الرحمن الكوفي (عن عمرو بن ميمون) بفتح العين الأودي أبي عبد الله المخضرم المشهور أسلم في زمنه ﷺ ولم يره أنه (قال: رأيت في الجاهلية قردة) بكسر القاف وسكون الراء أنثى الحيوان المعروف (اجتمع عليها قردة) بكسر القاف وفتح الراء جمع قرد ويجمع أيضًا على قرود حال كونها (قد زنت فرجموها فرجمتا معهم).
وهذا الحديث ثابت في جميع أصول البخاري التي رأيتها قال في الفتح وكفى بإيراد أبي ذر الحافظ له عن شيوخه الثلاثة الأئمة المتقنين عن الفربري وأبي مسعود له في الأطراف حجة لكنه سقط من رواية النسفيّ، وكذا الحديث الذي بعده ولا يلزم من ذلك أن لا يكون في رواية الفربري فإن روايته تزيد على رواية النسفيّ عدة أحاديث.
ورواه الإسماعيلي من وجه آخر من طريق عبد الملك بن مسلم عن عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون قال: كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منها فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد الأوّل سلاً رفيقًا وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد القرد الأول برفق فاستيقظ فزعًا فشمها فصاح فاجتمعت القرود فجعل يصيح ويومئ إليها بيده فذهب القرود يمنة ويسرة فجاؤوا بذلك القرد أعرفه فحفروا لهما حفرة فرجموهما فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم.