وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمود) هو ابن غيلان العدوي مولاهم المروزي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني (قال: أخبرنا معمر) هو ابن راشد الأزدي الأسدي مولاهم البصري (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن ابن المسيب) سعيد (عن أبيه) المسيب بن حزن بفتح المهملة وسكون الزاي ابن أبي وهب المخزومي له ولأبيه صحبة (أن أبا طالب لما حضرته الوفاة) قبل أن يدخل في الغرغرة (دخل عليه النبي ﷺ وعنده أبو جهل) عمرو بن هشام بن المغيرة عدوّ الله فرعون هذه الأمة (فقال)﵊ له:
(أي عم قل لا إله إلا الله كلمة) نصب بدلاً من مقول القول وهو لا إله إلا الله (أحاج) بضم الهمزة بعدها حاء مهملة وبعد الألف جيم مشددة وفي الجنائز أشهد (لك بها عند الله)(فقال: أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية) بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وقد أسلم عبد الله هذا يوم الفتح واستشهد في غزوة حنين (يا أبا طالب ترغب) ولأبي ذر أترغب بهمزة الاستفهام (عن ملة عبد المطلب فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به): أنا (على ملة عبد المطلب فقال) له (النبي ﷺ): (لأستغفرن لك) كما استغفر إبراهيم لأبيه، ولأبي ذر عن الكشميهني: لأستغفرن له بالهاء بدل الكاف (ما لم أنه) بضم الهمزة وسكون النون مبنيًا للمفعول (عنه) أي ما لم ينهني الله عن الاستغفار له (فنزلت ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى﴾)[التوبة: ١١٣] أي ما صح الاستغفار في حكم الله وحكمته (﴿من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم﴾)[التوبة: ١١٣] من بعد ما ظهر لهم أنهم ماتوا على الشرك فهو كالعلة للمنع من الاستغفار لهم وسقط لأبي ذر من قوله: ﴿ولو كانوا أولي قربى﴾ الخ وقال: قوله: ﴿للمشركين﴾ إلى ﴿أصحاب الجحيم﴾ (ونزلت): في أبي طالب وفي نسخة ونزل: (﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾)[القصص: ٥٦] أي أحببت هدايته أو أحببته لقرابته أي ليس ذلك إليك إنما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء وله الحكمة المبالغة والحجة الدامغة، وقد كان أبو طالب يحوطه ﵊ وينصره ويحبه حبًّا طبيعيًا لا شرعيًّا فسبق القدر فيه واستمر على كفره ولله الحجة السامية، ولا ننافي بين هذه الآية وبين قوله: ﴿وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم﴾ [الشورى: ٥٢] لأن الذي أثبته وأضافه إليه الدعوة والذي نفى عنه هداية التوفيق وشرح الصدر، ويأتي مزيد لما ذكر هنا في تفسير سورة براءة بعون الله.