للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمثل ما وصفت خديجة به النبي وهو يدل على اشتهار أبي بكر بالصفات المبالغة أنواع الكمال (فأنا لك جار) أي مجير أمنع من يؤذيك (ارجع) ولأبي ذر فارجع (واعبد ربك ببلدك) مكة (فرجع) أبو بكر (وارتحل معه ابن الدغنة) إلى مكة (فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله) من وطنه باختياره على نيّة الإقامة مع ما فيه من النفع المتعدي لأهل بلده (ولا يخرج) بضم أوله وفتح ثالثه لا يخرجه أحد بغير اختياره لما ذكر (أتخرجون رجلاً) استفهام إنكاري (يكسب المعدوم) وللكشميهني المعدم (ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة) بكسر الجيم أي لم ترد عليه قوله في جوار أبي بكر فأطلق التكذيب وأراد لازمه لأن كل من كذبك فقد ردّ قولك (وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد) عطف على محذوف تقديره: مر أبا بكر لا يتعرض إلى شيء وليعبد من جاء له فليعبد (ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك) الذي يقرأه ويتعبد به (ولا يستعلن به) بل يخفيه (فإنا نخشى أن يفتن) بكسر التاء بذلك (نساءنا وأبناءنا فقال ذلك) القول الذي قالوه (ابن الدغنة لأبي بكر فلبث أبو بكر بذلك) أي مكث على ما شرطوا عليه (يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره). قال الحافظ ابن حجر : ولم يقع لي قدر زمان المدة التي أقام فيها أبو بكر على ذلك (ثم بدا لأبي بكر) أي ظهر له رأي غير الرأي الأول (فابتنى مسجدًا بفناء داره) بكسر الفاء والمد أي أمامها (وكان يصل فيه ويقرأ القرآن) كله أو بعضه (فيتقذف) بتحتية مفتوحة فنون ساكنة فقاف مفتوحة فذال معجمة مكسورة بعدها فاء كذا للمروزي والمستملي وعند غيرهما من شيوخ أبي ذر فيتقذف بالتاء الفوقية بدل النون وتشديد المعجمة المفتوحة بوزن يتفعل أي يتدافعون على أبي بكر فيقذف بعضهم بعضًا فيتساقطون عليه، ويروى فيتقصف بالصاد المهملة أي يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض فيكاد ينكسر. قال الخطابي: وهو المحفوظ، وللكشميهني كما في الفتح وعزاها في اليونينية للجرجاني فيتقصف بنون ساكنة بدل الفوقية وكسر الصاد أي يسقط (عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكاء) بتشديد الكاف كثير البكاء - رضي الله تعالى عنه - (لا يملك عينيه) من رقة قلبه (إذا قرأ القرآن) إذا ظرفية والعامل فيه لا يملك أو شرطية والجزاء مقدر أي إذا قرأ القرآن لا يملك عينيه (فأفزع ذلك) أي أخاف ما فعله أبو بكر من صلاته وقراءته (أشراف قريش من المشركين) على نسائهم وأبنائهم أن يميلوا إلى الإسلام لما يعلمون من رقة قلوبهم (فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم) أي على أشراف قريش من المشركين، ولأبي ذر عن الكشميهني: فقدم عليه أي على أبي بكر (فقالوا): أي كفار قريش (إنا كنا أجرنا) بهمزة مقصورة فجيم فراء مهملة (أبا بكر بجوارك) أي بسبب جوارك، وللقابسي أجزنا بالزاي أي أبحنا. قال في الفتح: والأول أوجه (على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة

<<  <  ج: ص:  >  >>