للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصدّيق صوته إذا زجر غنمه (عامر بن فهيرة بغلس) هو ظلام آخر الليل وسقط ابن فهيرة لأبي ذر. (يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث) التي أقامها فيها بالغار، وعند ابن عائذ من حديث ابن عباس فيصبح في رعيان الناس كبائت فلا يفطن له.

(واستأجر رسول الله وأبو بكر رجلاً) هو عبد الله بن أريقط بالقاف والطاء مصغرًا (من بني الديل) بكسر الدال المهملة وسكون التحتية بعدها لام (وهو) أي الرجل الذي استؤجر (من بني عبد بن عدي) أي ابن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وقيل من بني عدي بن عمرو (هاديًا) يهديهما إلى الطريق (خريتًا) بكسر الخاء المعجمة والراء المشددة بعدها تحتية ساكنة ففوقية ونصبهما صفة لرجلاً. قال الزهري: (والخريت) هو (الماهر بالهداية) حال كونه أي الرجل الذي استؤجر (قد غمس) بغين معجمة فميم فسين مهملة مفتوحات (حلفًا) بكسر الحاء المهملة وبعد اللام الساكنة فاء (في آل العاص بن وائل السهمي) بفتح السين المهملة وسكون الهاء يعني أنه حليف لهم وآخذ بنصيب من عقدهم، وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيديهم في دم أو خلوق أو شيء يكون فيه تلوين فيكون ذلك تأكيدًا للحلف (وهو) أي الرجل الذي استأجراه (على دين كفار قريش فأمناه) بفتح الهمزة المقصورة وكسر الميم أي ائتمناه (فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال) فأتاهما (براحلتيهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل) عبد الله بن أريقط (فأخد بهم طريق السواحل) بالسين والحاء المهملتين بينهما واو فألف أسفل من عسفان.

٣٩٠٦ - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ -وَهْوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ- أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ: "جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لمنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا. ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي -وَهْيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ- فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ، حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرَّبُ بِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا: أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا؟ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي -وَعَصَيْتُ الأَزْلَامَ- تُقَرِّبُ بِي، حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَهْوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الاِلْتِفَاتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ. فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا، فَنَهَضَتْ فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>