ثم غسلته بعد ذلك، وفيه أن قليل دم الحيض لا يعفى عنه كسائر النجاسات بخلاف سائر الدماء، وعن مالك يعفى عن قليل الدم ويغسل قليل غيره من النجاسات وعن الحنفية يعفى عن قدر الدرهم.
ورواة هذا الحديث ما بين مكي ومدني وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الصلاة والبيوع وأبو داود والترمذي وابن ماجة في الطهارة.
وبه قال:(حدثنا محمد) غير منسوب ولأبي الوقت وابن عساكر يعني ابن سلام، وللأصيلي حدثنا محمد بن سلام، ولأبي ذر محمد هو ابن سلام وهو بتخفيف اللام البيكندي (قال: حدثنا) ولابن عساكر أخبرنا (أبو معاوية) محمد بن خازم بمعجمتين الضرير (قال: حدثنا هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه) عروة (عن عائشة)﵂(قالت):
(جاءت فاطمة ابنة) ولأبوي والوقت والأصيلي وابن عساكر بنت (أبي حبيش) بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية آخره شين معجمة قيس بن المطلب وهي قرشية أسدية (إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله إني امرأة استحاض) بضم الهمزة وفتح المثناة أي يستمر بي الدم بعد أيامي المعتادة إذ الاستحاضة جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه (فلا أطهر) لدوامه والسين في استحاض للتحول لأن دم الحيض تحوّل إلى غير دمه وهو دم الاستحاضة كما في استحجر الطين، وبني الفعل فيه للمفعول فقيل استحيضت المرأة بخلاف الحيض فيقال فيه حاضت المرأة لأن دم الحيض لما كان معتادًا معروف الوقت نسب إليها والآخر لما لكان نادرًا مجهول الوقت وكان منسوبًا إلى الشيطان كما في الحديث أنها ركضة الشيطان بني للمفعول وتأكيدها بأن لتحقيق القضية لندور وقوعها لا لأن النبي ﷺ متردد أو منكر (أفأدع) أي أترك والعطف على مقدر بعد الهمزة لأن لها صدر الكلام أي أيكون لي حكم الحائض فأترك (الصلاة) أو أن الاستفهام ليس باقيًا بل للتقرير فزالت صدريتها (فقال رسول الله ﷺ: لا) تدعي الصلاة (إنما ذلك) بكسر الكاف (عرق) أي دم يخرج من قعر الرحم (فإذا أقبلت حيضتك) بفتح الحاء المرة وبالكسر اسم للدم والخرقة التي تستثفر بها المرأة والحالة أو الفتح خطأ والصواب الكسر لأن المراد بها الحالة قاله الخطابي، ورده القاضي بها عياض وغيره بل قالوا: الأظهر الفتح لأن المراد إذا أقبل الحيض وهو الذي في فرع اليونينية (فدعي