عن عمرة عن عائشة ﵂ أنها ذكر عندها أن عبد الله بن عمر ﵄ يقول: إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه أي سواء كان الباكي من أهل الميت أم لا. فليس الحكم مختصًّا بأهله فقوله هنا ببكاء أهله خرج مخرج الغالب (فقالت: إنما) ولأبي ذر عن الكشميهني فقالت: وهل بكسر الهاء أي غلط وبفتحها نسي ابن عمر ﵀ إنما (قال رسول الله ﷺ: إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله) أي والحال أن أهله (ليبكون عليه الأن قالت: وذاك) بغير لام ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وذلك (مثل) بكسر الميم وسكون المثلثة (قوله) أي قول ابن عمر (إن رسول الله ﷺ قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: مثل ما (قال) أي ابن عمر ﵄ في تعذيب الميت.
(إنهم ليسمعون ما أقول) بيان لقوله مثل ما قال (إنما قال) رسول الله ﷺ: (إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق) ولأبي ذر عن الكشميهني: لحق أي ووهم ابن عمر فقال: ليسمعون بدل ليعلمون والعلم كما قال البيهقي وغيره: لا يمنع السماع فلا تنافي بين ما أنكرته وأثبته ابن عمر وغيره (ثم قرأت) عائشة ﵂ مستدلة لما ذهبت إليه: (﴿إنك لا تسمع الموتى﴾)[النمل: ٨٠](و) قوله تعالى: (﴿ما أنت بمسمع من في القبور﴾)[فاطر: ٣٥] فحملت ذلك على الحقيقة ومن ثم احتاجت إلى التأويل في قوله: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم والذي عليه جماعة من المفسرين وغيرهم أنه مجاز وأن المراد بالموتى ومن في القبور الكفار شبهوا بالموتى وهم أحياء حيث لا ينتفعون بمسموعهم كما لا تنتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة، وحينئذ فلا دليل في هذا على ما نفته عائشة ﵂.
قال عروة:(تقول) بالفوقية أي عائشة ﵂، ولغير أبي ذر يقول بالتحتية أي عروة مبينًا لمراد عائشة ﵂ من قوله: إنك لا تسمع الموتى (حتى تبوؤوا) أي اتخذوا (مقاعدهم من النار) فأشار إلى أن إطلاق النفي في الآية مقيد بحالة استقرارهم في النار.
وبه قال:(حدثني) بالإفراد (عثمان) بن أبي شيبة إبراهيم الكوفي أنه قال: (حدّثنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سلمان (عن هشام عن أبيه) عروة (عن ابن عمر ﵄) أنه قال: (وقف النبي ﷺ على قليب بدر فقال): يخاطب من ألقي فيه من كفار قريش.