لقد وجدته يومًا يأكل قطفًا) بكسر القاف عنقودًا (من عنب في يده وأنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة) بالمثلثة (وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبًا) كرامة له والكرامة ثابتة للأولياء كالمعزة للأنبياء (فلما خرجوا به) بخبيب (من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعوني أصلّي ركعتين فتركوه فركع ركعتين) في موضع مسجد التنعيم (فقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع) من القتل (لزدت) في الصلاة (ثم قال: اللهم أحصهم عددًا) بهمزة قطع وبالحاء الساكنة والصاد المكسورة المهملتين أهلكهم واستأصلهم بحيث لا تبقي أحدًا منهم (واقتلهم بددًا) بفتح الموحدة والدال المهملة الأولى مصدر بمعنى المتبدد أي ذوي بدد قاله السهيلي. ويروى بكسر الموحدة جمع بدة وهي القطعة من الشيء المتبدد وهو نصب على الحال من المدعو عليهم، أما على الثاني فواضح أي متفرقين، وأما على الأول فعلى أن يكون التقدير ذوي بدد. قال في المصابيح: ويجري فيه وجهان آخران أن يكون بددًا نفسه حالاً على جهة المبالغة أو على تأويله باسم الفاعل، وعند السهيلي في روضه أن الدعوة أجيبت فيمن مات كافرًا ومن قتل منهم بعد هذه الدعوة فإنما قتلوا بددًا غير معسكرين ولا مجتمعين. (ولا تبق منهم أحدًا ثم أنشأ يقول): ولأبي ذر وابن عساكر: وقال بدل قول ثم أنشأ يقول. (فلست أبالي حين أقتل) بضم الهمزة وفتح الفوقية حال كوني (مسلمًا … على أي جنب كان لله مصرعي. وذلك) أي القتل (في ذات الإله) أي في وجهه تعالى وطلب رضاه وثوابه (وإن يشأ … يبارك على) وفي نسخة في (أوصال شلو) بكسر المعجمة وسكون اللام أي جسد (ممزع) بالزاي مقطع. والبيتان من قصيدة ذكرها ابن إسحاق أوّلها:
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا … قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وقد قربوا أبناءهم ونساءهم … وقربت من جذع طويل ممنع
وكلهم يبدي العداوة جاهدًا … عليّ لأني في وثاق بمضيع
إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي … وما جمع الأحزاب لي عند مصرعي
فذا العرش صبرني على ما أصابني … فقد بضعوا لحمي وقد ضلّ مطمعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ … يبارك على أوصال شلو ممزع
وقد عرّضوا بالكفر والموت دونه … وقد ذرفت عيناي من غير مدمع
وما بي حذار الموت إني لميت … ولكن حذاري حرّ نار تلفع
فلست بمبد للعدو تخشعًا … ولا جزعًا إني إلى الله مرجعي
فلست أبالي حين أقتل الخ.
(ثم قام إليه) إلى خبيب (أبو سروعة) بكسر السين المهملة وسكون الراء وفتح الواو والعين لمهملة وبفتح السين لأبي ذر والأصيلي عن الحموي والمستملي (عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب