هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿إذ﴾) أي: واذكر إذ (﴿همت﴾) أي عزمت (﴿طائفتان منكم﴾) حيان من الأنصار بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس (﴿أن تفشلا﴾) أي بأن تجبنا وتصعفا، وكان ﵊ خرج إلى أُحد في ألف والمشركون في ثلاثة آلاف، ووعدهم بالفتح إن صبروا فانخزل ابن أبي بثلث الناس وقال: علام نقتل أنفسنا وأولادنا؟ فهمّ الحيان باتباعه فعصمهم الله تعالى فمضوا مع رسول الله ﷺ. وعن ابن عباس ﵄ أضمروا أن يرجعوا فعزم الله تعالى لهم على الرشد فثبتوا، والظاهر أنها ما كانت إلا همة وحديث نفس وما لا تخلو النفس عند الشدة من بعض الهلع ثم يردها صاحبها إلى الثبات والصبر ويوطنها على احتمال المكروه ولو كانت عزيمة لما ثبتت معها الولاية والله تعالى يقول:(﴿والله وليهما﴾) ويجوز أن يراد والله ناصرهما ومتولي أمرهما فما لهما يفشلان ولا يتركان على الله تعالى (﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾)[آل عمران: ١٢٢] أمرهم بأن لا يتوكلوا إلا عليه ولا يفوضوا أمرهم إلا إليه، وسقط لأبي ذر وابن عساكر: وعلى الله فليتوكل المؤمنون وقالا: الآية.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان كذا في الفرع والذي في اليونينية عن ابن عيينة (عن عمرو) بفتح العين ابن دينار (عن جابر) أي ابن عبد الله الأنصاري (﵁) أنه (قال: نزلت هله الآية فينا ﴿إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا﴾ بني سلمة) بكسر اللام من الخزرج (وبني حارثة) بالمثلثة من الأوس (وما أحب أنها لم تنزل) بفتح أوله وكسر ثالثه (والله) أي والحال أن الله تعالى (يقول): ولابن عساكر لقول الله تعالى: (﴿والله وليهما﴾) أي لما حصل لهم من الشرف بثناء الله تعالى وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية وأن تلك غير المأخوذ بها لأنها لم تكن عن عزيمة وتصميم كانت سببًا لنزولها.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (أخبرنا عمرو) هو ابن دينار ولأبي ذر عن عمرو (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري أنه (قال: قال لي رسول الله ﷺ):