الأرض (﴿ولا تلوون على أحد﴾) أي ولا تلتفتون وهو عبارة عن غاية انهزامهم وخوف عدوّهم (﴿والرسول يدعوكم﴾) يقول: إليّ عباد الله من يكر فله الجنة والجملة في موضع الحال (﴿في أخراكم﴾) في ساقتكم وجماعتكم الأخرى هي المتأخرة (﴿فأثابكم﴾) عطف على صرفكم أي فجازاكم الله (﴿غمًا﴾) حين صرفكم عنهم وابتلاكم (﴿بغم﴾) بسبب غم أدخلتموه على الرسول ﷺ بعصيانكم أمره والمؤمنين بفشلكم، أو فأثابكم الرسول أي أثابكم غمًا بسبب غم اغتممتموه لأجله والمعنى أن الصحابة لما رأوه ﷺ شج وجهه وكسرت رباعيته وقتل عمه اغتموا لأجله والنبي ﷺ لما رآهم عصوا ربهم بطلب الغنيمة ثم حرموا منها وقتل أقاربهم اغتم لأجلهم، وقال القفال: وعندي أن الله تعالى ما أراد بقوله: غمًا بغم اثنين اثنين وإنما أراد مواصلة الغموم وطولها أي أن الله عاقبكم بغموم كثيرة مثل قتل إخوانكم وأقاربكم ونزول المشركين عليكم بحيث لم تأمنوا أن يهلك أكثركم (﴿لكيلا تحزنوا على ما فاتكم﴾) لتتمرنوا على تجرع الغموم فلا تحزنوا فيما بعد على ما فائت من المنافع لأن العادة طبيعة خامسة (﴿ولا ما أصابكم﴾) ولا على مصيب من المضار (﴿والله خبير بما تعملون﴾)[آل عمران: ١٥٣] لا يخفى عليه شيء من أعمالكم وسقط لأبي ذر قوله والرسول يدعوكم الخ وقال إلى ﴿بما تعملون﴾.
(﴿تصعدون﴾) أي (تذهبون أصعد) بالهمزة (وصعد) بحذفها وكسر العين (فوق البيت) وكأنه أراد التفرقة بين الثلاثي والرباعي وأن الثلاثي بمعنى ارتفع والرباعي بمعنى ذهب، وسقط من قوله تصعدون الخ للمستملي وأبي الهيثم.
وبه قال:(حدثني) بالإفراد (عمرو بن خالد) الحراني الخزاعي سكن مصر قال: (حدّثنا زهير) هو ابن معاوية قال: (حدّثنا أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (قال: سمعت البراء بن عازب ﵄ قال: جعل النبي ﷺ على الرجالة) بتشديد الجيم جمع راجل خلاف الفارس وكانوا خمسين رجلاً رماة (يوم) وقعة (أُحد عبد الله بن جبير) الأنصاري (وأقبلوا) حال كونهم (منهزمين) أي بعضهم اد فرقة استمروا في الهزيمة حتى فرغ القتال وهم قليل وفيهم نزل ﴿إن الذين تولوا﴾ وفرقة تحيرت لما سمعت أنه ﵊ قتل فكانت غاية أحدهم الذب عن نفسه أو يستمر على بصيرته في القتال حتى يقتل وهم الأكثر والثالثة ثبتت معه ﵊ ثم تراجعت الثانية لما عرفوا أنه ﵊ حي (فذاك إذ يدعوهم الرسول)ﷺ بقوله إليّ عباد الله إليّ عباد الله (في أخراهم) في آخرهم ومن ورائهم.