(على أنفسكم) بالرفق وكفوا عن الشدة (إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنكم تدعون سميعًا) يسمع السر وأخفى (قريبًا) ليس غائبًا وهذا كالتعليل لقوله لا تدعون أصم (وهو معكم) بالعلم والقدرة عمومًا وبالفضل والرحمة خصوصًا (وأنا خلف) أي وراء (دابة رسول الله ﷺ فسمعني)ﷺ(وأنا أقول لا حول ولا قوة إلا بالله) قيل الحيلة هي الحول قلبت واوه ياء لانكسار ما قبلها والمعنى لا يوصل إلى تدبير أمر وتغيير حال إلا بمشيئتك ومعونتك (فقال لي)﵊: (يا عبد الله بن قيس قلت: لبيك رسول الله) بحذف أداة النداء ولأبي ذر يا رسول الله (قال: ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة)(قلت: بلى يا رسول الله) دلني (فداك أبي وأمي) قال الطيبي: هذا التركيب باستعارة لذكر المشبه وهو الحوقلة والمشبه به وهو الكنز ولا التشبيه الصرف لبيان الكنز بقوله: "من كنوز الجنة" بل هو من إدخال الشيء في جنس وجعله أحد أنواعه على التغليب فالكنز إذًا نوعان المتعارف وهو المال الكثير يجعل بعضه فوق بعض ويحفظ، وغير المتعارف وهو هذه الكلمة الجامعة المكتنزة بالمعاني الإلهية لما أنها محتوية على التوحيد الخفي لأنه إذا نفيت الحيلة والحركة والاستطاعة عما من شأنه ذلك وأثبتت لله على سبيل الحصر وبإيجاده واستعانته وتوفيقه لم يخرج شيء من ملكه وملكوته قال: ومن الدلالة على أنها دالة على التوحيد الخفي قوله ﵊ لأبي موسى ألا أدلك على كنز مع أنه كان يذكرها في نفسه فالدلالة إنما تستقيم على ما لم يكن عليه وهو أنه لم يعلم أنه توحيد خفي وكنز من الكنوز ولأنه لم يقل ما ذكرته كنز من الكنوز بل صرح بها حيث (قال: لا حول ولا قوة إلا بالله) تنبيهًا له على هذا السر والله أعلم، وسقط لأبي ذر لفظ من كنوز.
وبه قال:(حدّثنا المكي بن إبراهيم) علم لا نسبة لمكة ووهم صاحب الكواكب قال: (حدّثنا يزيد بن أبي عبيد) بضم العين (قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة) بن الأكوع (فقلت) له: (يا أبا مسلم) وهي كنية سلمة (ما هذه الضربة)؟ التي بساقك (قال: هذه ضربة أصابتني) ولابن عساكر أصابتنا وللأصيلي وأبوي الوقت وذر أصابتها أي رجله (يوم خيبر. فقال الناس: أصيب سلمة فأتيت النبي) ولأبي ذر عن الكشميهني إلى النبي (ﷺ فنفث فيه) أي في موضع الضربة (ثلاث نفثات) بالمثلثة بعد الفاء فيهما جمع نفثة وهي فوق النفخ ودون التفل بريق خفيف وغيره (فما اشتكيتها حتى الساعة) بالجر في اليونينية على أن حتى جارة وفي غيرها بالنصب بتقدير زمان أي فما اشتكيتها زمانًا حتى الساعة.