للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبه قال (حدّثنا محمد بن مقاتل) بضم الميم المروزي (قال: أخبرنا) وللأصيلي وابن عساكر حدّثنا (عبد الله) بن المبارك (قال: أخبرنا سفيان) الثوري (عن منصور) هو ابن المعتمر، وقيل سفيان هو ابن عيينة لأن ابن المبارك يروي عنهما وهما عن منصور، ولكن الثوري أثبت الناس في منصور فترجح إرادته (عن سعد بن عبيدة) بضم العين في الثاني وسكونها في الأوّل أبي حمزة بالزاي الكوفي، المتوفى في ولاية ابن هبيرة على الكوفة (عن البراء بن عازب) (قال): (قال لي النبي إذا أتيت) أي إذا أردت أن تأتي (مضجعك) بفتح الجيم من باب منع يمنع. وفي الفرع بكسرها (فتوضأ وضوءك للصلاة) أي إن كنت على غير وضوء والفاء جواب الشرط، وإنما ندب الوضوء عند النوم لأنه قد تقبض روحه في نومه فيكون قد ختم عمله بالوضوء، وليكون أصدق لرؤياه وأبعد عن تلاعب الشيطان به في منامه، وليس ذكر الوضوء في هذا الحديث عند الشيخين إلا في هذه الرواية، (ثم اضطجع على شقك الأيمن) لأنه يمنع الاستغراق في النوم لقلق القلب فيسرع الإفاقة ليتهجد أو ليذكر الله تعالى بخلاف الاضطجاع على الشق الأيسر، (ثم قل: اللهم أسلمت وجهي) ذاتي (إليك) طائعة لحكمك فأنا منقاد لك في أوامرك ونواهيك، وفي رواية أسلمت نفسي ومعنى أسلمت استسلمت أي سلمتها لك إذ لا قدرة لي ولا تدبير على جلب نفع ولا دفع ضر، فأمرها مفوّض إليك تفعل بها ما تريد واستسلمت لما تفعل فلا اعتراض عليك فيه أو معنى الوجه القصد والعمل الصالح، ولذا جاء في رواية أسلمت نفسي إليك ووجّهت وجهي إليك فجمع بينهما فدلّ على تغايرهما، (وفوّضت) من التفويض أي رددت (أمري إليك) وبرئت من الحول والقوّة إلا بك فاكفني همه (وألجأت) أي أسندت (ظهري إليك) أي اعتمدت عليك كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده إليه (رغبة) أي طمعًا في ثوابك (ورهبة إليك) الجار والمجرور متعلق برغبة ورهبة، وإن تعدى الثاني بمن لكنه أجري مجرى رغب تغليبًا كقوله:

ورأيت بعلك في الوغى … متقلدًا سيفًا ورمحا

والرمح لا يتقلد، ونحوه:

علفتها تبنًا وماءً باردا

أي خوفًا من عقابك، وهما منصوبان على المفعول له على طريق اللف والنشر أي فوّضت أمري إليك رغبة وألجأت ظهري إليك رهبة من المكاره والشدائد لأنه (لا ملجأ ولا منجا منك إلاّ إليك) بالهمزة في الأوّل، وربما خفّف وتركه في الثاني كعصا، ويجوز هنا تنوينه إن قدر منصوبًا لأن هذا التركيب مثل لا حول ولا قوّة إلا بالله، فتجري فيه الأوجه الخمسة المشهورة وهي فتح الأوّل والثاني، وفتح الأوّل ونصب الثاني، وفتح الأوْل ورفع الثاني، ورفع الأوّل وفتح الثاني، ورفع الأوّل والثاني، ومع التنوين تسقط الألف. وقوله: منك إن قدر ملجأ ومنجا مصدرين فيتنازعان فيه وإن كانا مكانين فلا، والتقدير لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك ولا منجا إلا إليك. (اللهم آمنت) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>