عساكر فسار معه (من المسلمين إلى مكة) حال كونه ﵊(يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد) بفتح الكاف وكسر الدال المهملة الأولى (وهو ماء ما بين عسفان وقديد) بضم القاف مصغرًا (أفطر)﵊(وأفطروا) أي أصحابه الذين كانوا معه.
(قال الزهري): بالسند السابق (وإنما يؤخذ من أمر رسول الله ﷺ الآخر فالأخر) أي يجعل الآخر اللاحق ناسخًا للأول السابق، وفيه إشارة إلى الرد على القائل ليس له الفطر إذا شهد أول رمضان في الحضر مستدلاً بآية ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾ [البقرة: ١٨٥].
وبه قال:(حدثني) بالإفراد ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: حدّثنا (عياش بن الوليد) بتحتية وشين معجمة الرقام البصري قال: (حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى الشامي البصري قال: (حدّثنا خالد الحذاء) البصري (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس)﵄ أنه (قال: خرج النبي) ولأبي ذر رسول الله (ﷺ في رمضان إلى حنين) بالحاء المهملة المضمومة والنون المفتوحة بعدها تحتية ساكنة فنون أخرى وادٍ بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً، والمحفوظ المشهور أن خروجه ﵊ لحنين إنما كان في شوّال سنة ثمان إذ مكة فتحت في سابع عشر رمضان، وأقام ﵇ بها تسعة عشر يومًا يصلّي ركعتين فيكون خروجه إلى حنين في شوال بلا ريب، وقول بعضهم: إن المراد أن ذلك كان في غير زمن الفتح وكان في حجة الوداع أو غيرها مردود بأن حنينًا لم تكن إلا في شوال عقب الفتح اتفاقًا.
وأجيب عن الاستشكال بأجوبة؛ أولاها: ما قاله الطبري أن المراد من قوله خرج ﵊ في رمضان إلى حنين أنه قصد الخروج إليها وهو في رمضان فذكر الخروج، وأراد القصد بالخروج وهذا شائع ذائع في الكلام.
(والناس مختلفون فصائم) أي فبعضهم صائم (و) بعضهم (مفطر) لاختلافهم في كونه ﵊ كان صائمًا أو مفطرًا (فلما استوى على راحلته دعا بإناء من لبن أو ماء) بالشك من الراوي (فوضعه على راحته) كفه (أو على راحلته) التي هو راكب عليها، وسقط لأبوي ذر والوقت لفظ على الثانية وللأصيلي على راحلته أو راحته بالتقديم والتأخير (ثم نظر إلى الناس) ليروه، وسقط لفظ إلى لأبي ذر فالناس رفع على الفاعلية (فقال المفطرون للصوّام): بضم الصاد وتشديد الواو بعدها ألف وللأربعة للصوّم بإسقاط الألف جمع صائم (أفطروا) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الطاء. زاد الطبري في تهذيبه يا عصاة.