قتله بغير طيب نفسه (فقال النبي ﷺ: صدق) أبو بكر (فأعطه) بهمزة قطع.
قال الحافظ أبو عبد الله الحميدي الأندلسي: سمعت بعض أهل العلم يقول عند ذكر هذا الحديث: لو لم يكن من فضيلة الصديق ﵁ إلا هذا فإنه يثاقب علمه وشدة صرامته وقوّة إنصافه وصحة توفيقه وصدق تحقيقه بادر إلى القول الحق فزجر وأفتى وحكم وأمضى، وأخبر في الشريعة عنه ﷺ بحضرته وبين يديه بما صدّقه فيه وأجراه على قوله، وهذا من خصائصه الكبرى إلى ما لا يحصى من فضائله الأخرى.
قال أبو قتادة:(فأعطانيه) أي السلب (فابتعت) أي اشتريت (به مخرفًا) بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة ساكنة وبعد الراء فاء أي بستانًا (في بني سلمة) بكسر اللام بطن من الأنصار (فإنه) بالفاء ولأبي ذر وأنه (لأوّل مال تأثلته) اقتنيته (في الإسلام).
وعند أحمد عن أنس أن هوازن جاءت يوم حنين فذكر القصة قال: فهزم الله المشركين فلم يضرب بسيف ولم يطعن برمح، وقال رسول الله ﷺ يومئذٍ "من قتل كافرًا فله سلبه" فقتل أبو طلحة يومئذٍ عشرين راجلاً وأخذ أسلابهم. وقال أبو قتادة: إني قتلت رجلاً على حبل العاتق وعليه درع فأعجلت عنه فقام رجل فقال: أخذتها فأرضه منها. وكان رسول الله ﷺ لا يسأل شيئًا إلا أعطاه أو سكت فسكت. فقال عمر: لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها فقال النبي ﷺ"صدق عمر" وإسناد هذا الحديث أخرج به مسلم بعض هذا الحديث، وكذلك أبو داود، ولكن الراجح أن الذي قال ذلك أبو بكر كما رواه أبو قتادة وهو صاحب القصة، فهو أتقن بما وقع فيها من غيره، ويمكن أن يجمع بأن يكون عمر أيضًا قال ذلك تقوية لقول أبي بكر قاله في فتح الباري.
وحديث الباب مر في باب من لم يخمس الأسلاب من الخمس.